للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بهذا الحديث.

وقال البُخاريُّ:] (١) وأنا أَذْهَبُ إليه" (٢).

وضعَّفه غيرهُ بانقطاعِهِ؛ فَإِنَّ الحسنَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ سَمُرَةَ!

الثالث: "التاركُ لِدِينِهِ" هو المرتد: الذي بدَّل دينه بأيِّ مِلَّةٍ كانت، فَقَتْلُهُ واجِبٌ إِنْ لم يَرجع إلى الإسلام، والمُرْتَدَّةُ كالمرتد عندنا؛ لعموم الحديث؛ ولأنَّ العِلةَ التَّبديل وقد وُجِدَ، وقال: "مَنْ بَدَّلَ دينَهُ فاقْتُلُوهُ" (٣) خِلافًا لأبي حنيفة حيث قال: تُحْبَسُ؛ لِنَهْيِهِ - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النِّساء وهو خاصّ (٤).

وقوله: "المُفَارِق للجماعة" ظاهِرُهُ أنَّهُ أتى به نعْتًا (٥) جاريًا على التارك لدينه؛ لأنّهُ إذا ارتدَّ عن دين الإسلام، فقد خَرَجَ عن جماعتهم، غيرَ أَنَّهُ يَدخُلُ في هذا الوصف كلُّ مَن خَرَجَ عن جماعة المسلمين، وإن لم يكن مُرْتَدًا كالخوارج، وأهل البدع، وأهل البَغْي ودَمهم حَلال بالإجماع، فكلُّ مَنْ فارَقَ الجماعة فقد بدَّلَ دِينَهُ، غير أَنَّ المُرْتَدَّ بَدَّلَ كُلَّهُ، وغَيْره بَعْضهُ.

واختُلِفَ في تارك الصلاةِ تَكَاسُلًا غير جحود وقد سلف ما فيه، وعندنا يقتَلُ حَدًّا، وكذا مَن امتَنَعَ مِن واجِبٍ يُقاتَلُ عليه، وإِنْ أَبَى، عليه القتل.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل نظرًا لانتقال نظر الناسخ، والصّواب إثباته؛ لأنَّ العبارة لا تتم إلَّا به؛ ولأن الكلام المتقدم هو في الحقيقة كلام القرطبي في "المفهم" (٥/ ٣٩)، ونقله الفاكهاني في "المنهج المبين" (٣٠٨ - ٣٠٩).
(٢) انظر: "جامع التِّرمذيّ" (١/ ٢٢٤ تحت رقم ١٨٢).
(٣) رواه البخاري (٤/ ٦١ رقم ٣٠١٧) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٤) جمهور الفقهاء فرَّقوا بين الكفر الأصلي والكفر الطارئ، وذلك أنَّ الأخير أغلظ؛ لِمَا سبقه من الإسلام، ولهذا يُقتل بالردة عنه مَن لا يُقتَل مِن أهل الحرب، كالشيخ الفاني، والزَّمِن، والأعمى، والمرأة، هذا مع عموم الحديث الذي ذكره المؤلف فهو حجة على كُلِّ مُخالِف. انظر: "جامع العلوم والحكم" (١/ ٣١٨).
(٥) في الأصل: "بمعنى"! والتصويب من "المفهم" (٥/ ٤٠).

<<  <   >  >>