للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و"يَصْمُت" بِضمِّ الميم، قال أهل اللغة: صَمتَ يَصْمُتُ -بضمِّ الميم- صَمْتًا وَصموتًا وَصُمَاتًا، أي: سَكَتَ.

قال الجوهري: "ويُقال: أَصْمتَ بِمَعنَى: صَمَتَ، والصمْتُ: السكُوتُ. والتَّصْميتُ -أيضًا- التَسْكِيتُ" (١).

وادَّعَى بعضُهُم أَنَّهُ سَمِعَهُ بالكسر مُضارِعًا نحو: ضربَ يَضرِبُ ضربًا (٢).

ويفعل -بضمِّ العين- فيه دخل، كما نصَّ عليه ابن جِنِّي في "خصائصه" (٣).

وحقيقةُ "الصَّمت": السُّكوتُ مع القُدْرَةِ على النُّطقِ، فإنَّ تَوَقَّف فيه فهو العِي، وإن فَسَدَتْ آلةُ النطق فهو الخَرَسُ.

واللام في: "لِيَقُل"، و"لِيَصْمُت"، و"ليُكْرِم": لام الأمر.

ثانيها: المُرادُ به كمال الإيمان، أو المبالغة في ذلك خَرَجَا على الاستجلاب عليها، أو من التَزَمَ شرائع الإسلام لَزِمَهُ ذلك وهو راجعٌ إلى تعريف حقوق ذلك، وقد صحَّ: "مَا زَالَ جِبريلُ يُوصِيني بالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُوَرِّثُه" (٤).

وبالغَ بعضهم فجعله كالشريك في إثبات الشُّفْعَةِ لهُ.

ثالثها: الحديث اشتمل على ثلاثِ خِصال عظِيمَةِ النَّفع:

أُولاهَا: قول الخير والسُّكوت عن الشَّرِّ؛ لأنَّ قولَ الخير غنيمةٌ تربح، والسكوت عن الشَّرِّ غنيمةٌ وسَلامةٌ مِن وُقوع في محذُورٍ، أو مكروهٍ، أو مُباح


(١) "الصحاح" (١/ ٢٥٦)، وقوله: "قال أهل اللغة ... " هو من قول الجوهري أيضًا.
(٢) المُدَّعي هو الطوفى في كتابه: "التعيين" (١٣٤).
(٣) انظر: "الخصائص" لابن جني (١/ ٣٧٦، ٣٨٠)
(٤) رواه البُخاريّ (٨/ ١٠ رقم ٦٠١٥)، ومسلم (٤/ ٢٠٢٥ رقم ٢٦٢٥) عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>