للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّارعُ -صلوات الله وسلامه عليه- أنهُ لا يقدر على ذلك قال لهُ: "اتَّقِ اللهَ حَيْثُما كنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحَسَنَةَ تَمْحُها ... ".

والمراد: تركُ المؤاخَذَة، ويجوزُ أن يكون المحو حقيقةً، وهو موافقٌ لقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] وهي نزلت في ذلكَ الذي أصاب مِن تِلكَ المرأة ما دُونَ الجِماعِ، وأَمَرَهُ الشَّارعُ -صلوات الله وسلامه عليه- بالوضوء والصَّلاة، فقال معاذ: هذا لهُ خاصَّة أم للناس عامَّة؟ فقال: "بَل للنَّاسِ عَامَّةً" (١).

وقال: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهرُ فَيُحْسِنُ الطُّهورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مَسْجِدٍ مِنْ هذهِ المَسَاجِدِ، إلَّا كتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطوَةٍ يَطَؤُهَا (٢) حَسَنَةً. ويَرْفَعُ بها دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عنهُ بها خَطِيئَةً" (٣). فقال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: ١٧٧] الآية، وقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٣].

فمن اتَّقى بما في الآية الأولى مِن الإيمان والإسلام فهو متَّقٍ، والمتقي ولي الله؛ فصار معنى قوله: "اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كنتَ" تكُنْ وليّ الله بتقواك إيَّاه، وحصل لك [من ذلك المِدحةُ] (٤) والثناء: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: ١٨٦].


(١) رواه أحمد (٣٦/ ٤٢٦ رقم ٢٢١١٢)، والترمذي (٥/ ١٨٩ رقم ٣١١٣)، والطبري في "تفسيره" (١٥/ ٥٢٠ رقم ١٨٦٧٨، ١٨٦٨٢)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ١٣٦ رقم ٢٧٧)، والدارقطني في "سننه" (١/ ٢٤٤ رقم ٤٨٣)، والحاكم (١/ ١٣٥) من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -. قال التِّرمذيُّ: "هذا حديث ليسَ إسنادٌ بِمُتَّصِل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يَسْمَعْ مِن معاذٍ".
قلتُ: ويُغنِي عنه حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في البُخاريّ (١/ ١١١ رقم ٥٢٦)، ومسلم (٤/ ٢١١٥ رقم ٢٧٦٣).
(٢) كذا بالأصل، وفي مسلم: "يَخْطُوهَا".
(٣) رواه مسلم (١/ ٤٣٣ رقم ٦٥٤/ ٢٥٧) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(٤) في الأصل: "لوائح وضح الحمد"؟ والتصويب من "المنهج المبين" (٣٤٥) وغيره.

<<  <   >  >>