للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَوْرِدُ التَّكلِيف فلا تناقض ولا تعنيف (١).

* * *


(١) هذا الكلام خطأ بيِّنٌ، والصّواب هو: أن اللهَ خالِقُ أفعال العِباد كلها، والعباد فاعلون حقيقة، ولهم قدرة حقيقية على أعمالهم ولهم إرادة، لكِنَّها خاضِعَةٌ لمشيئة الله الكونية فلا تخرج عنها. قال سبحانه: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ}، وقال: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)}.
والقرآن فيه ذِكر إِضَافةِ أفعال العباد إليهم في آيات كثيرة، فمن ذلك قوله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)} الآية.
وقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}، وقوله: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٤)} وغيرها.
والشَّرعُ والعقْلُ مُتَّفِقَان على أنَّ العبدَ يُحمد ويذم على فعله، ويكون حسنةً له أو سيئةً عليه، فلو لم يكن إلا فعل غيره لكان ذلك الغير هو المحمود أو المذموم.
وما ذكره المؤلفُ هنا هو "كسب" الأشاعرة، وهو من عجائب الكلام؟!. فحقيقة الكسب عندهُم: أنَّ الله الخالق للفعل، ومكسوبًا للعبد بمعنى: مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون هنا لِكَ منهُ تأثيرٌ أو مدخل في وجودِهِ سِوَى كونهِ مَحَلًا له؟!.
وكما ذَكَرْنَا أنَّ كَسْبَ الأشاعرة هو من عَجَائِب الكلام التي لا حقيقةَ لها، ولا يستطيع أربابه أن يفىسروا حقيقته، ولذلك قيل:
مما يُقَال ولا حقيقةَ تحتَه ... معقُولَة تَدْنُو إلى الأفهام
الكسبُ عند الأشعري والحالُ عَنْدَ ... البَهْشَمِيِّ وطفرَةُ النَّظَّام
انظر: "منهاج السنة" (١/ ٤٥٩)، (٢/ ٢٩٧)، و"درء التعارض" (٣/ ٤٤٤)، (٨/ ٣٢٠)، و"مجموع الفتاوى" (٨/ ٤٦٧، ١٢٨)، و"شفاء العليل" (٥٠)، [١/ ١٩٥ ط الحفيان].

<<  <   >  >>