للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى: "حَاكَ": أثر وتردد، ومنه قولهم: ضربته فما حاك فيه السيف؛ أي: مَا أَثَّرَ، وحاك الشيء في قلبي: إذا رَسَخَ فيهِ وَثَبَتَ، ولا يَحِيكُ هذا في قلبي، أي: لا يَثْبُتُ فيه ولا يَسْتَقِرُّ.

قال شَمِرٌ: "الكَلامُ الحائِكُ: هو الراسخ في القلب" (١).

ومعنى الحديث: الشيء الَّذي يؤثر نُفْرَةً وحَزازة (٢) في القلب، وإِنَّمَا أحالَهُ الشَّارعُ على هذا الإدْرَاكِ القَلْبِيِّ، لِمَا عَلِمَ مِن جَوْدَةِ فَهْمِهِ، وَحُسْنِ قَرِيحَتِهِ، وتنوير قلبه، وأَنَّهُ يُدْرِكُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسه. وهذا كما قال في الحديث الآخر: "الإِثمُ حَزَّازُ القُلوب" وفي رواية: "حَوَّاز القُلُوب" (٣) يعني به: القلوب المنشرحة للإسلام، المُنَوَّرة بالعلم الَّذي قال فيه مالك - رضي الله عنه -: "العِلْمُ نُور يَقذِفُهُ اللهُ في قَلْبِ مَنْ يَشَاء" (٤).

وضبط الجوهري "حزَّاز" -بتشديد الزاي فقط-، قال: "وهوَ مَا حَزَّ في القلبِ، وكلُّ شيءٍ حَكَّ في صَدْرِكَ فقد حَزَّ" (٥).


(١) ذكره عنه في "تاج العروس" (٢٧/ ١٣٢).
(٢) في الأصل: "وحرارة"، والتصويب من "المفهم" (٦/ ٥٢٣) وما بعده يدل عليه، وعامة هذه المسألة مأخوذة من "المفهم" إلى قول عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) رواه البيهقي في "الشعب" (٧/ ٣٠٧ رقم ٥٠٥١) من حديث ابن مسعود - مرفوعًا -.
ورواه الطبراني في "الكبير" (٩/ ١٤٩ رقم ٨٧٤٨، ٨٧٤٩) - موقوفًا -.
قال الهيثمي في "المجمع" (١/ ١٧٦): "رواه الطبراني بأسانيد رجالها ثقات".
والحديث الصواب وقفه على ابن مسعود - رضي الله عنه -. كما قاله الألباني في "صفة الفتوى" لابن حمدان (٥٦).
(٤) رواه الجوهري في "مسند الموطأ" (٨٧ - ٨٨ رقم ١٤)، وابن عدي في الكامل (١/ ٢٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٣١٩)، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (٥٥٨)، والخطيب في "الجامع" (٢/ ١٧٤ رقم ١٥٢٦).
(٥) "الصِّحاح" (٣/ ٨٧٤)، وانظر "النهاية" لابن الأثير (١/ ٣٧٧ - ٣٧٨، ٤٥٩).

<<  <   >  >>