للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على العام نحو: {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)} [الرحمن: ٦٨].

وتعكس نحو: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: ٧٧]، وقوله: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ} [آل عمران: ٢٠٠].

وقوله: "فَإِنَّهُ مَن يَعِشْ مِنْكُمْ ... " إلى آخره، الظَّاهِرُ أنَّ هذا بِوَحْيٍ أُوحِيَ إليه؛ فإنه -عليه الصلاة والسلام- كُشِفَ له عَمَّا يكون إلى أن يدخل أهلُ الجَنَّةِ الجنّة، وأهل النار النار، كما صح في حديث أبي سعيد وغيره (١).

ويجوز أن يكون بنظر واستدلال، فإن اختلاف المقاصد والشهوات باختلاف الآراء والمقالات، ويجوز أن يكون بقياس أُمَّتِهِ على أُمَمِ الأنبياء السابقين بدليل حديث: "إِنَّها لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ إلا كانَ بَعْدَها اخْتِلَافٌ" (٢) أو كما قال.

وقوله: "وَإِيَّاكُم ومُحْدَثَاتِ الأُمُور" أي: احذروا الأخذَ بها، فإنها بدعة، وهو منصوب بفعل مضمر، أي: إياكم، باعدوا محدثات الأمور واتقوا.

والمراد: مَا أُحدِث غير راجع إلى أصل -كما سلف- أو دليل شرعي، واتباع الخلفاء راجع إلى أصل (٣) الشرع، فحينئذ الحديثُ عامٌّ أُريدَ به الخَاصُّ، وكذا قوله: "عليكم بِسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين" عامٌّ أُرِيدَ بهِ الخَاصُّ، إذْ لَو فُرِضَ خَلِيفَةٌ راشِدٌ في عامَّةِ أُمُورِهِ سَنَّ سنَّةً لا يعضُدُها دليلٌ شرْعي لَمَا جازَ اتِّباعه، لا يقال: لا يتصور؛ لأن رشده ينافي أن يَسن مثل هذه السُّنة؛ لأنه قد يخطئ


(١) رواه أحمد (١٧/ ٢٢٧ رقم ١١١٤٣)، والترمذي (٤/ ٥٨ رقم ٢١٩١)، وعبد بن حُميْد (٢/ ٥٨ رقم ٨٦٢)، والطيالسي (٣/ ٦١٤ رقم ٢٢٧٠). وفيه ابن جدعان ضعيف.
لكن الحديث له شاهد من حديث عمرو بن أخطب رواه مسلمٌ (٤/ ٢٢١٧ رقم ٢٨٩٢).
(٢) رواه مسلم (٤/ ٢٢٧٩ رقم ٢٩٦٧) من حديث عتبة بن غزوان - رضي الله عنه -.
(٣) في الأصل: "أهل". والتصويب من "التعيين" (٢١٦).

<<  <   >  >>