للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله "كُفَّ" يحتمل عمومه، وخصَّ منه الكلام بالخير، كقوله: "فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ" (١) ويُحْتَمَل أَنَّهُ مِن باب المُطْلَقِ، وقد عمل به في كَفِّ اللسان عن الشر؛ فلا تَبْقَى له دِلالةٌ على غير ذلك.

وأَصْلُ الاحتمالَيْن أنَّ الفِعلَ يَدُلُّ على المصدرْ، لكن [هل] (٢) يُقَدَّر المصدر مُعَرَّفًا فيَعُمْ، نحو: "اكفف الكف"، أو مُنَكَّرًا فَلَا يَعُم: "اكفف كفًا"، أو يَنْبَنِي على أنَّ المصدرَ جِنسٌ، فيعم أَوْ لا فَلَا. وعليه اختلف -فيما أحسب- إذا قال: طلقتُكِ طلاقًا، هل يقع ثلاثًا أو واحدةً؟

وقول معاذ: "إِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بهِ؟ " هو استفهام استئناف وتعجب، لا يقال: كيف خفي ذلك عنه وقد قال الشارع في حَقِّهِ: "إِنَّهُ أَعلَمُكُمْ بالحَلالِ والحَرَامِ" (٣) والكلام المؤَاخَذُ به حرامٌ، لأن ظاهر الحلال والحرام في المعاملات الظَّاهرة بين الناس، لا في مُعَامَلاتِ العبدِ مع ربِّهِ، أو حَصَلَت له هذه الرُّتبة بَعْدُ.


= ٢٦٩١٠)، و"الأدب" (٢٤٥ رقم ٢٢٢)، وهنَّاد في "الزهد" (٢/ ٥٣١ رقم ١٠٩٣)، وأحمد في "الزهد" (١٠٩، ١١٢)، وأبو داود في "الزهد" (٥٣ رقم ٣٠)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (١٨٦ رقم ١٣)، و"الورع" (٧٦ رقم ٩٢)، وابن أبي عاصم في "الزهد" (٢٠ رقم ١٨، ١٩)، وأبو يعلى في "المسند" (١/ ١٧ رقم ٥)، وابن السني في "عمل اليوم" (٤ رقم ٧)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٣٣) وغيرهم.
(١) سبق تخريجه وهو الحديث الخامس عشر من "الأربعين".
(٢) ما بين المعقوفتين من "التعيين" (٢٢٤) لأن الفائدة الخامسة كلها منه!
(٣) رواه الترمذي (٦/ ١٢٧ رقم ٣٧٩١)، والنسائي في "الكبرى" (٧/ ٣٤٥ رقم ٨١٨٥، ٨٢٢٩)، وابن ماجه (١/ ٥٥ رقم ١٥٤)، والطيالسي (٣/ ٥٦٧ رقم ٢٢١٠)، وأحمد (٢٠/ ٢٥٢ رقم ١٢٩٠٤)، (٢١/ ٤٠٦ رقم ١٣٩٩٠)، وابن حبان (١٦/ ٧٤ رقم ٧١٣١، ٧١٣٧، ٧٢٥٢)، والحاكم (٣/ ٤٢٢)، والبيهقي في "الكبرى" (٦/ ٢١٠) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
وهو حديث صحيح، صحَّحه الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والألباني في "الترمذي" (٢٩٨١).

<<  <   >  >>