للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوحي إليه العمل فقط (١).

و"الصلاة": الرحمة المترادفة، كذا قالوه، وفيه نَظَرٌ مِن وجهين:

أحدهما: أن الرحمة عطف عليها في قوله: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٥٧] والعَطْفُ يَقْتَضِي المغَايَرة.

ثانيهما: أنَّ الرحمة رقة القلب، وهي مستحيلة في حقه تعالى! (٢).

والصواب: أنها المغفرة في حَقِّه تعالى، وأصلها لغةً: الدُّعاء، فَحُمِلت على المغفرة؛ لأنه محال في حقه تعالى (٣).

و"السَّلام ": التحية، أو: تسليمه إياهم من كُلِّ مكروه.


(١) انظر: "الإعلام" للمؤلف (١/ ١٠٥: ١١١).
والصواب: أن الرسول والنبي كليهما يجب عليه البلاغ، لكن الرسول أُوحِيَ إليه بشرع جديد، والنبي أتى لتقرير شرع مَن قَبْله.
وإذا كان العلماء يجب عليهم تبليغ الدين ويحرم عليهم كتمانه فكيف بالأنبياء؟!
وانظر -للفائدة-: "الدراسات اللغوية والنَّحْوِيَّة في مُؤلَّفات ابن تيمية" (١٠٠ - ١٠٤).
(٢) الرحمة -في حق ابن آدم- قد تكون صفة نقص وقد تكون صفة كمال، والله -سبحانه وتعالى- ليس كمثله شيء، وأهل السنة يُثبتون لله صفة الرحمة وهي صفة كمال في حقه -عزَّ وجلَّ -كما قال سبحانه: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦]، {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} [التوبة: ٧١]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ارحَمُوا مَن في الأرض يَرحمكُم مَن في السَّماءِ". وكلام المؤلف من قبيل التأويل المذموم، رحمه الله وعفا عنه.
(٣) أصحُّ ما قيل في صلاة الله على رسوله هو ما قاله أبو العالية: "ثناؤُهُ عليه عند الملائكة، وصلاةُ الملائكة الدُّعاء". رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم (٦/ ١٢٠)، ووصله ابن إسحاق القاضي في "فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - " (٨٠ رقم ٩٥) وقال الألباني: "إسناده موقوف حسن".
وتفسير الصلاة من الله بالرحمة غلط كما ذكره المؤلف، وقد ذكر وجوه هذا الغلط الإمام ابن القيم في كتابه "جلاء الأفهام" (٢٥٦ - ٢٧٦).

<<  <   >  >>