للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورواية: "ناس" تعم الرجل والمرأة، وأما "القوم" فهل تختص بالرجال أو تعم النساء؟ قولان:

حجة الأول: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} [الحجرات: ١١] وقول زهير:

وَمَا أَدْري أَقَوْمٌ آلُ حِصْن أَمْ نِسَاءُ (١)

وأجيب عنه بأن ذلك من قرب التقسيم فقط (٢).

وحجة الثاني: قوله تعالى: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ} [غافر: ٣١] ونحوه، وتقول العرب: ليس هذا بأرض قومي ولا من نسائهم.

وأُجيب عنه بأنَّ النساءَ إنَّما دخلت لقرينةِ التَّكليف ونحوهِ.

وغايَرَ بين قوله: "لادَّعى رجَالٌ أَمْوَالَ قَوْمٍ" ولم يقل: "أموال رجال" ولا: "قوم أموال قوم" دفعًا لتِكْرَار أحدهما بغير فائدةٍ، وإنه على القول بأن النساء يدخُلن في لفظ القوم؛ لأن الدَّعوى في الرجال أغلب بخلاف المدعى عليه.

وقدَّمَ الأموال في رواية المُصَنِّف على الدماء، ورواية "الصحيح" عكسه لغلبة الخصومات فيها؛ لأن أخذها أيسر، وامتداد اليد إليها أسهل، وإن كان الاهتمام بالدماء أعظم؛ لأنه أول ما يقضى بين الناس فيها، فهي من ذا الوجه أعظم خطرًا من المال، على أن العطف بالواو لا يفيد ترتيبًا.

وموضوع "لكن" الاستدلال، وهي وإن كانت إنما تكون بين نفي وإثبات،


(١) كذا بالأصل، والصواب من البيت: "وَمَا أَدْرِي وسوف إِخَالُ أَدْرِي* أَقَوْمٌ آلُ حِصْنِ أَمْ نِسَاءُ". انظر: "ديوان زهير" (١٧)، و"المعين" (٢٨٣)، و"الفتح المبين" (٥٢٩).
(٢) معناه: إنه إنما دل على أن القوم هم الرجال خاصة بقرينة التقسيم، إذ قابل بين القوم والنساء، كما يقابل بين الرجال والنساء. انظر: "المعين" (٢٨٣).

<<  <   >  >>