للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن سلَّمناهُ، لكن لا نُسلِّم أنَّ معنى مُفْرَدَيْهِمَا (١) -أعني: "إنَّ" و"ما"- بعد التركيب معناهُمَا قَبْلَهُ؛ لأَنَّ التركيب يُغَيِّرُ معاني المفردات نحو: "لولا" فإنها مُرَكَّبةٌ مِنْ "لو" و"لا" وليسَ معناها معنى واحد منهما.

* واحتج الآخَرون بوجوه:

أحدها: أنها وَرَدَت لغير الحَصر كثيرًا، فلتكن حقيقة فيه كما سَلَفَ.

وعُورِضَ بما سَلف.

ثانيها: أنا إذا قُلنا: إنما قامَ زيدٌ، حَسُنَ أَنْ يُقال: فهل قامَ عمرو؟ ولو كانت للحَصْرِ لَمَا حَسُنَ هذا الاستفسارُ؛ لأنَّهُ تحصيلُ حاصِلٍ.

وللأوَّل أن يُجيب: أنه إنما حَسُن لاحتمال أنها استُعمِلَت في غيره مجازًا، لَا لأنها تَقْتَضِي الحَضرَ.

ثالثها: أنها لو كانت للحصر لاستوى قولنا: "إنما قام"، و"ما قام إلَّا زيد" لكنَّهما لا يستويان، إذ الثاني أقوى مِنَ الأوَّل.

وجوابهُ بمنع القوة، تَنَزَّلنا وسَلَّمنا، لكن لا يلزم أنها ليست للحصر؛ لجواز اشتراكهما فيه، واختصاص أحدهما بمزيد قوة تأكيد فيه، كما اشترك "السين" و"سوف" في معنى "التنفيس"، وكانت "سوف" أكثر تنفيسًا؛ لكثرة حُرُوفِها، فكذلك: "ما قامَ إلا زيد" أكثر حُرُوفًا مِنْ "إنما قامَ زيد"، ولأنَّ الحصر في "إِنما قامَ زَيد" معنوي، وفي "مَا قَامَ إلا زيد" لَفْظِيّ، فاقتضى التـ]ـصرِيحَ (٢)؛ لأجل "مَا" و"إلَّا" جمعًا بينَ النَّفي والإثبات بالمُطَابقة.


(١) في الأصل: "مفردها ... معناها" والتصويب من "التعيين في شرح الأربعين" للطوفي (٣٠) فقد نقل المؤلف كلام الطوفي بحروفه، وسياق الكلام يدل عليه.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وأَثبتُّهُ من "التعيين" للطوفي (٣١).

<<  <   >  >>