للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الشرع: القَصدُ المُقْتَرِنُ بالفِعل.

ومحلُّها القلبُ عند الجمهور، ويُستَحَب مساعدة اللسان له خلافًا للمالكية (١).

الرابع عشر: الباء في قوله "بالنيَّات" يحتَمل أنْ تكُونَ "باء" السَّبب، ويحتمل أن تكون "باء" المُصَاحبة، ويَنْبَنِي على ذلك: أنَّ النية جزءٌ مِنَ العِبادة أم شَرطٌ؟ والأصح الأول (٢).

الخامس عشر: قوله -عليه الصلاة والسلام- أيضًا: "بالنيات" هو متعلق بالخبَر المحذوف، وهل التَّقديرُ صحّتها أو كمالها؟ فيه مدهبان للأصوليين، وأظهرهما أوَّلهما؛ لأنه أقرَبُ إلى حُضُوره بالذِّهن عندَ الإطلاق، فالحَملُ عليه أولى، وقد قال به: الشافعي، ومالك، وأحمد، وداود، وجمهور أهل


(١) انظر: "إكمال المعلم" (٦/ ٣٣٢)، و"عِقْد الجواهر الثمينة" لابن شاس (١/ ٩٧) وقول المالكية هو الصواب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "الفتاوى" (١٨/ ٢٦٢): "والنيَّة محلها القلب باتفاق العلماء".
وقال الإمام ابن القيِّم في "زاد المعاد" (١/ ٢٠١): "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة قال: "الله أكبر" ولم يقل شيئًا قبلها ولا تلفظَ بالنيَّةِ ألبتَّة، ولا قال: أُصلِّي لله صلاةَ كذا ... وهذه عشرُ بدع لم يَنقتُل عنه أحدٌ قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسندٍ ولا مُرسَلٍ لفظةً واحِدَةً منها ألبتَّة، بل ولا عن أحدٍ مِن أصحابه، ولا استحسنه أحدٌ مِن التابعين، ولا الأئمةُ الأربعة، وإنما غَرَّ بعضَ المتأخرين قولُ الشافعي - رضي الله عنه - في الصلاة: "إنها ليست كالصيام، ولا يدخل فيها أحدٌ إلَّا بذكر" فظَنَّ أنَّ الذَكْرَ تَلَفُّظُ المُصَلِّي بالنية، وإنما أراد الشافعيّ -رحمه الله- بالذّكرِ: تكبيرةَ الإحرام ليسَ إِلا، وكيفَ يَستَحِبُّ الشافعيُّ أَمرًا لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة واحِدَةٍ، ولا أحدٌ مِنْ خُلفائهِ وأصحابه، وهذا هديُهم وسيرَتُهم، فإنْ أَوْجَدَنَا أحدٌ حَرْفًا واحِدًا عنهم في ذلكَ قَبلْنَاهُ، وقَابَلْنَاهُ بَالتَّسلِيم والقَبُول، ولا هديَ أَكمَلُ مِن هديِهم، ولا سُنَّةَ إلَّا ما تَلقّوه عن صَاحب الشَّرع - صلى الله عليه وسلم - ".
(٢) انظر: "الإعلام" (١/ ١٨٠ - ١٨١).

<<  <   >  >>