للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال القرطبي -رحمه الله-: "فيصلح أن يُقال فيه إنَّهُ: أُمُّ السّنَّةِ؛ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ جُمَلِ عِلْمِها كَمَا سُمِّيَت "الفاتِحَة": "أمَّ القُرآن" لِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ جُمَلِ عِلْمِها" (١).

قلتُ: ولنُلخّص الكلام عليه من ثلاثين وجهًا:

الأول: هذا الحديث هو مِن أفراد "مُسلم" كما أفهمَ إيرادُ المصنِّف حيثُ عَزَاهُ إليه وحدَهُ، ولم يخرج "البخاري" عن عمر في هذا شيئًا؛ بل أخرجه من حديث أبي هريرة بنحوه و"مُسلِم" أيضًا (٢).

الثاني: في التَّعريف براويهِ، وقد سَلَفَ في الحديث الأول.

الثالث: في ألفاظِهِ معانيه (٣):

الأول: قوله "بينما" معناه: بينَ أوقات كذا؛ لأنَّ "بين" تَقْتَضِي شيئين فصاعِدًا، وتجوز -أيضًا- "بينا" بلا ميم، لأنَّ "بين" هذه هي الظَّرفية، فَزيدَت عليها الألف لتكفّها عن عملها الذي هو الخَفْضُ، كما قد زيدت عليها -أيضًا- "ما" كذلك، وما بعدها مَرفوعٌ على الابتداء في اللغة المشهورة، ومنهم من


(١) في كتابه: "المُفْهِم لِمَا أَشْكَلَ مِن تَلْخِيصِ مُسلم" (١/ ١٥٢). وقد احتفى أهل العلم بكلمته هذه فنقلوها عنه. انظر: "فتح الباري" [الفتح الأول] لابن رجب (١/ ٢٢٢)، و"الفتح" الثاني لابن حجر (١/ ١٥٢).
فائدة: قال الطيبي: "لهذه النكتة استفتح به -يعني هذا الحديث- البَغَويُّ كِتَابَيْه "المصابيح" [١/ ١١٢]، و"شرح السنة" [١/ ٧] اقتِداءً بالقرآن في افتتاحه بالفاتحة، لأنها تضمنت علوم القرآن إجمالًا". "فتح الباري" لابن حجر (١/ ١٥٢).
(٢) رواه البخاري (١/ ١٩ رقم ٥٠)، ومسلم (١/ ٣٩ رقم ٩، ١٠).
(٣) تحت هذه الفائدة ستأتي الأوجه الثلاثين وما يتبعها من فوائد وهي بمجموعها تبلغ (٤٢).

<<  <   >  >>