للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَجْلِسُ بينَ ظَهرَانَيْ أَصحَابِهِ فَيَجِيءُ الغَريبُ، فَلَا يَدْرِي أَهُوَ (١) حتى يَسأَل، فَطَلَبنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نجعَلَ لهُ مَجْلِسًا يَعْرِفُهُ الغَريبُ إِذَا أَتَاهُ، فَبَنَيْنا لَهُ دكانًا (٢) مِنْ طِينٍ يَجْلِسُ عليه، وإنَّا (٣) لَجُلُوسٌ عليه عِندَه إذْ أقبَلَ رَجُلٌ أحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا، وأَطْيَبُ النَّاسِ ريحًا، كأَنَّ ثِيابَهُ لَا يَمَسُّها دَنَسٌ، حتى سَلَّمَ مِنْ طَرَفِ السِّمَاط (٤)، فقال: السلامُ عليكم يا مُحمَّد! فرَدَّ -عليهِ السّلامُ- عليهِ السلامَ. قال: أَدْنُو يا مُحَمد؟ قال: "ادْنُهْ". فَمَا زالَ يقول: أَدْنُو؟ -مِرارًا-، ويقول: "ادْن" حتي وضَعَ يدهُ علي ركْبَتَيْ النبي - صلى الله عليه وسلم -" وذَكَرَ نحوَ حديث مُسْلِم.

وفيه خمسُ فوائِدَ:

ابتِداءُ الدَّاخل بالسَّلام؛ وإقبَالُهُ على رأسِ القَوْم، حيثُ قال: "السَّلامُ عليكم"، فَعَمَّ، ثم قال: "يا محمد"! فَخَصَّ (٥).

والاستئذانُ في القُرب مِن الإِمَام مِرارًا، وإن كانَ الإمامُ في مَوْضِعٍ مَأْذُونٍ في دُخوله.

وتَرْكُ الاكتفاء بالاستئذان مَرَّةً أو مرَّتين علي جِهَةِ التعظيم والاحتِرام.


(١) في "النسائي": "أيُّهُمْ هُوَ".
(٢) الدُّكّان: "الدكَّةُ المَبْنِية للجُلوس عليها". "النهاية" (٢/ ١٢٨).
(٣) الواو من "النسائي".
(٤) السماط- بِكَسر السين-: الجماعة مِنَ الناس. انظر: "النهاية" (٢/ ٤٠١)، وحاشية السندي على "النسائي" (٨/ ١٠١).
(٥) روى ابن عبد البر في "الجامع" (١/ ٥٨٠ رقم ٩٩٢)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (١/ ١٩٩ رقم ٣٤٧) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: "مِن حَقّ العالِم عليكَ إذا أتيتهُ أن تُسَلِّمَ عليه خاصّة، وعلى القومِ عامةً، وتجلس قُدَّامهُ، ولا تُشِر بيديكَ، ولا تغمز بعينيك، ولا تقل: قال فلانٌ خلاف قولك، ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه في السؤال، فإنه بمنزلة النخلة المرطبة لا يزال يسقط عليك منها شيء".

<<  <   >  >>