والثاني: أنه ما أخرج هذا الكلام مخرج النهي، ولكن أخرجه مخرج الاحتجاج، يعني: إنه لو كانتا من الوجه لغسلتا، ولو كانتا من الرأس لجاز المسح عليهما من مسح الرأس.
واحتج به على مالك، حيث قال: إنهما من الوجه، بعدم وجوب غسلهما مع الوجه، وعلى أبي حنيفة حيث قال: الأذنان من الرأس، ولا يجوز المسح عليهما عن مسح الرأس.
قال على رضي الله عنه: ظاهرهما من الرأس، فلا يجوز المسح عليهما، وباطنهما من الوجه، واحتج أيضا بأن البياض المستدير حوالي الأذنين أقرب إلى الرأس خلقة ومساحة من الأذنين، ثم ذاك ليس من الرأس، فهذا أولى.
واحتج المزني أيضًا بأنهما لو كانت من الرأس لاكتفى بحلقهما في الإحرام، إلا أنهم يقولون: إنما لا يجزي عن حلق الرأس، لأن عندنا يشترط حلق ربع الرأس، وذلك دونه.
قلنا: وجب أنه لو كمل معه حلق ربع الرأس يجوز، ومع ذلك لا يجوز عندكم.
قال الشافعي: والفرق بين ما يجزيء من مسح بعض الرأس، ولا يجزئ إلا مسح كل الوجه في التيمم: أن مسح الوجه بدل من الغسل يقوم مقامه، ومسح بعض الرأس أصل لا بدل من غيره.
قال القاضي حسين: أراد به مالكًا، حيث قال: مسح جميع الرأس واجب، وقاسه على مسح الوجه في التيمم، إن مسح الوجه هناك بدل عن الغسل فيقوم مقامه، ومسح بعض الرأس أصل، وليس ببدل عن غيره، فأني يستويان؟
قال الشافعي: وإن فرق وضوءه، وغسله، أجزأه، واحتج في ذلك بابن عمر، رضي الله عنهما.