وقد فرض الله عز وجل، غسل الوجه من الحدث، كما فرض غسله مع سائر البدن من الجنابة، فكيف يجزئه ترك المضمضة والاستنشاق من أحدهما، ولا يجزئه من الآخر.
قال القاضي حسين: سماه مسئا بترك هذه الأشياء، لأنها سنة مؤكدة، وبتاركها سمى مسيئا لا محالة.
وأمر باستئناف المضمضة والاستنشاق دون الوضوء لمعنيين:
أحدهما: أن الخلاف في المضمضة والاستنشاق مع أبي حنيفة، وذاك ظاهر حينئذ.
والخلاف في الوضوء مع أبي ثور، وهو لا يعد خلافه خلافًا لأنه نبغ بعده، والثاني: أن الماء قد وصل إلى أعضاء الطهارة، كما لو وصل إلى سائر البدن، ما عدا الأنف والفم، فأمر بإيصال الماء إليهما، حتى يصل إلى جميع البدن عمومًا، والله أعلم بالصواب.
قال المزني: وكذلك غسل المرأة إلا أنها تحتاج من غمر ضفائرها، حتى يبلغ الماء أصول الشعر أكثر مما يحتاج إليه الرجل.
وروى أن أم سلمة رضي الله عنها: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه، للغسل من الجنابة؟ فقال: لا، إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي عليك الماء.
قال القاضي حسين: لا فرق بين غسل الرجل، وغسل المرأة، ومن كان منهما صاحب ضفيرة يحتاج إلى غمر ضفائره، إذا منع وصول الماء إلى البشرة