والدليل عليه ما روى ابن عمر أنه قال: كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في إناء واحد جميعًا.
وإنما ذكر ذلك؛ لأن من عادة العرب أن يتخذوا حجرًا كبيرًا، ويحفروا فيه حفرة، ثم يصبون فيه الماء، ويتوضئون منه، ولا شك أن كل واحد منهم يتوضأ يفضل صاحبه.
وروى أن الصحابة اجتمعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فأذن المؤذن، فخرج من كل له أهل ودار إلى أهله وداره، وبقي في المسجد من ليس له أهل يأوى إليه، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بمشربة فيها ماء، فجعلوا يشرئبون إليه.
أي: ينظرون إليه.
فقال عليه السلام: ما لكم؟
فقالوا: يا رسول الله، خرج كل من كان له أهل ودار إلى أهله وداره، وليس لنا أهل ودار نأوى إليه.
فوضع النبي عليه السلام- أصابعه على المشربة، وقال لهم: هلموا إلى الوضوء المبارك.
وكانت لا تسع أصابع النبي صلى الله عليه وسلم لضيقها.
قال أنس: ورأيت الماء ينبع من تحت أصابعه- صلى الله عليه وسلم - حتى توضأ الناس من عند آخرهم.