فأما إذا طلب الماء، فلم يجده واجب عليه أن يتيمم لعذر السفر لا لعذر المرض، وإنما يجب عليه الطلب بعد دخول الوقت، حتى لو طلب قبل دخول الوقت، بحيث إنه لما فرغ عن الطلب دخل الوقت، لا يجوز.
كما لو أذن لغير الصبح قبل دخول الوقت، فلما فرغ عن الأذان دخل الوقت لا يجوز.
وإنما قلنا: لا يجوز الطلب قبل دخول الوقت، لأنه إنما وجب لأجل المطلوب، وذاك يجب بعد دخول الوقت، فلما كان المقصود يجب بعد دخول الوقت، فكذا التبع مثله، وكيفية الطلب: أن يطلب الماء أولا في رحله، ثم من رفقائه، وإذا راى خضرة أو طيورًا يجتمعن في موضع، فيسأل هناك، ولو كان على صعود ينحدر إلى الهبوط، ولو كان في هبوط يرقي إلى الصعود، وإن كان في قاع من الأرض يمشي قدر غلوة سهم من الجوانب الأربع، فإن أعوذ الماء حينئذ يتيمم.
فأما إذا أمر عبده، أو واحدًا من رفقائه يطلب الماء لأجله، يجوز ذلك، بخلاف ما لو أمر غيره ليجتهد له في القبلة.
والفرق بينهما: أن أمر القبلة خفي غير معاين، فربما يخفي على أحد، ولا يخفي على غيره؛ لأن مبناه على الاجتهاد، فلا يقوم اجتهاد غيره مقام اجتهاده فيه.
وأما رؤية الماء شيء مشاهد معاين يستوي فيه الكل، إذ ليس مبناه على الاجتهاد فجاز أن يقوم غيره فيه مقامه.
فإذا طلب واحد الماء بغير أمره، لا يسقط بذلك فرضية الطلب عنه، لأنه لم يوجد من جهته، لا الطلب، ولا الأمر بالطلب والقصد به.
قال المزني: وللمسافر أن يتيمم أقل ما يقع عليه اسم سفر، طال أو قصر؛ واحتج في ذلك بظاهر القرآن، وبأثر ابن عمر.