ومنهم من قال: حده إذا وقعت النجاسة في الماء، فكل موضع تيقن وصول النجاسة فيه فيحكم بنجاسته، وإلا فلا، حتى إن البحر العظيم إذا وقعت فيه نجاسة، تنجس ما يلى موضع النجاسة ما يحتمل وصولها إليها، فأما ما لا يحتمل لا يحكم بنجاسته.
دليلنا عليه قوله عليه السلام:(إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا).
يعني: يدفع الخبث عن نفسه، كما يقال: فلان لا يحمل الضيم، يعني يدفع الضيم والظلم عن نفسه.
فإن قيل: هذا مجمل لا يمكن الاستدلال به، لأن القلة اسم لأشياء كثيرة، فإنه يقال لرأس الحبل، قلة، ولقامة الإنسان قلة، وللكيزان الصغار قلة، ولما يستقله البعير قلة.
فإذا كان هذا الاسم متشركا بين أشياء، فلا يجوز تخصيصه بشيء دون شيء، إلا بدليل.
قلنا: القلة وإن كانت لأشياء، إلا أنه إذا ذكرت مقرونة باسم الماء، فإنه يعرف منه ويفهم ما ذكرنا.
وكلام صاحب الشرع إذا أطلق، فإنه يحمل على ما والمعهود والمتعارف بين الناس، هذا كما قال عليه السلام: في العينين الدية.
فإنه يحمل على عين الإنسان أعني الجارحة المخصوصة، حين ذكرها مقرونة باسم الدية، وإن كان اسم العين ينطلق على أشياء من عين الشمس، وعين الماء وغيرها.