فأما إذا كان الماء أقل من قلتين، ووقعت فيه نجاسة، وصب عليه ماء طاهر أو نجس حتى يصير الماءان معا قلتين، ولم يكونا متغيرين يعود الكل طاهرا، حتى لو فرق في إنائين لم ينجسا، إلا بنجاسة تحدث فيهما، هذا إذا كانت النجاسة ذائبة.
فأما إذا كانت جامدة، فإذا خرجا من موضع، وبلغا قلتين، على المذهب القديم، عاد طاهرا.
وعلى المذهب الجديد، لم يعد طاهرًا، فلو فرقا في إناءين دفعة واحدة، فما بقي فيه الناجسة صار نجسًا على القولين، وما لم تكن فيه نجاسة بقي طاهرا على قوله، القديم.
وعلى قوله الجديد: عاد نجسًا، وإن فرقا في إناءين بدفعات عاد الكل نجسا، قال المزني: وإن وقع في الماء القليل ما لا يختلط به، مثل العنبر، أو العود، أو الدهن الطيب، فلا بأس به، لأنه ليس [مخلوطًا] به.
قال القاضي حسين: فإنه لا يمنع جواز التوضؤ، وإن غلب على أحد أوصافه، لأن ذلك بالمجاورة، وجعل كما لو تريح الماء بالجيفة الملقاة على شط البحر، وإن كان مما يختلط به مثل الزعفران وغيره يفترق فيه الحكم بين القلة والكثرة، وقد استقصينا القول فيه في أول الكتاب فلا نعد، والله أعلم بالصواب.
قال المزني: وإذا كان معه في السفر إناءان يستيقن أن أحدهما قد نجس، والآخر [ليس] ينجس تأخي، وأراق النجس على الأغلب عنده، وتوضأ بالطاهر لأن الطهارة تمكن والماء على أصله طاهر.
قال القاضي حسين: إذا كان معه أواني بعضها طاهر، وبعضها نجس، واشتبه عليه ذلك، فإنه يتحرى ويستعمل أحدها بالتحرى، لأن هذا شرط من شرائط