للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة، فيجوز الاجتهاد فيه عند الاشتباه، كالقبلة، وسواء عندنا أن يكون عدد الطاهر أقل، أو أكثر، أو هما سواء.

وقال أبو حنيفة: لا يجوز إلا إذا كان عدد الطاهر أكثر، ووافقنا في الثياب فنقول: ما جاز التحرى فيه عند الاشتباه إذا كان عدد الطاهر أكثر جاز، وإن كان عدد الطاهر أقل، دليله الثياب، وهل يحتاج في التحرى إلى ضرب من الدليل أم لا؟

فيه وجهان:

أحدهما: يكفيه غلبة الظن؛ لأن الأصل أن الماء على الطهارة، وعليه يدل النص، لأنه قال: أراق النجس على الأغلب عنده.

والثاني: لابد في التحرى من ضرب من الدليل، كما في سائر المتجهدات من القبلة، واجتهاد، واجتهاد القاضي في القضاء وغيره.

والدليل مثل: إن رأي أحدهما قد انكشف عن الغطاء، أو رأي بللا على شفة أحدهما، ورأي أحدهما يتحرك فيه الماء، أو رأي رجل الكلب أقرب إلى أحدهما: وأبعد من الآخر، ويشم من أحدهما رائحة كريهة.

فإن قيل: أليس أن في باب القبلة لا يجوز الاجتهاد بغلبة الظن، وها هنا قلتم، بأنه يجوز في وجه، فما الفرق بينهما؟

قلنا: الفرق بينها أن جهة القبلة مشاهدة معاينة يمكن معرفتها حقيقة ويقينا، إذا أنعم النظر والاجتهاد فيها، فلهذا لا نكتفي فيه بمجرد غلبة الظن، حين لم يتعذر عليه معرفتها بالدليل، أما طهارة الماء ليس بشيء مشاهد يمكن معرفته قطعًا ويقينا.

وقلنا: بأنه يكتفي فيه بلغبة الظن، تيسيرا عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>