فأما إذا كان معه إناءان: أحدهما ماء، والآخر ماء الورد، هذا ينبني على أنه إذا كان معه إناءان: أحدهما طاهر، والاخر نجس، وشك فيهما، ومعه إناء متيقن الطهارة، فهل له التحرى فيه أم لا؟
إن قلنا: إن هناك لا يجوز له التحري فيهما، فها هنا مثله، ويستعمل أحدهما، ثم الثاني على الترتيب.
وإن قلنا: يجوز له التحري فيه، ها هنا ينظر، إن قلنا: إنه يستعمل الماء بغلبة الظن، ها هنا لا يجوز له التحري فيه، بل يستعمل كليهما.
فإن قيل: إذا قلتم، فيستعمل كليهما، فإنه لا يدري أن طهارته من الماءين بماذا تحصل يقينا، ويقين الطهارة شرط لصحة الصلاة، إذ النية شرط شرط في الطهارة، فما لم يتيقن طهارة الماء لا يمكنه أن يجزم النية فيه.
قلنا: مثله يجوز عند الاشتباه والضرورة، كما لو نسي صلاة من خمس صلوات، فإنه يصلي خمس صلوات، ويحتاج في كل واحدة منها إلى نية الفرض، وإن لم يمكنه جزم النية في الكل، فجوزناه هكذا هذا.
فأما إذا كان معه إناءان من ألبان النعم، أحدهما طاهر، والاخر نجس، أو إناءان من خل ودهن وغيره من المائعات، واشتبه عليه ذلك لا يجوز له التحري فيه، كما قلنا في الإناءين من الماء.
فأما إذا كان أحدهما لبن النعم، والآخر لبن ما لا يؤكل لحمه، أو كان أحدهما خلا، والآخر خمرا حكمه حكم الإنائين، أحدهما ماء، والآخر بول واشتبه عليه ذلك.
فأما إذا كان له دنان من خل وخمر في بيت، فدخل البيت في ليلة ظلماء، وكان معه إناء صغير يغمسه في أحدها، ويأخذ منه قدرا، ويصبه في موضع آخر، ثم يغمس ذلك الإناء في الاخر، ويأخذ منه قدرًا، ويصبه في ذلك الموضع، ثم اشتبه عليه الدنان، واجتهد فيهما، فإن أدى اجتهاده إلى أن ما أخذ منه أولا طاهر، والآخر نجس، وإن أدى اجتهاده إلى أن الطاهر الذي أخذ