منه ثانيًا، فالأول والثاني نجسان، لأنه إذا دخل الإناء في الدن الأول صار نجسًا بزعمه، فإذا أدخله في الثاني تنجس به، فيصير الكل نجسًا.
فأما إذا كان معه شاتان مسلوختان، اشتبه عليه المذكاة منهما في الميتةـ، الصحيح: أنه لا يجوز له التحري فيهما، لأن الأصل في الميتات الحرمة، وبالشك لا يجوز استباحتها، بخلاف الماء، فإن الأصل في المياه الإباحية، فإذا وقع فيه الشك تمسك بما هو الأصل فيه بالاجتهاد، وزانه أن لو تحقق أن كل واحدة منهما مذكاة، إلا أن إحداهما مسمومة، والأخرى غير مسمومة، واشتبه عليه المسموم منهما، فإنه يجوز له التحري فيه كالماء سوى.
فأما إذا اشتبه عليه غنيمة بين أغنام الناس، أو رحله بين رحال الناس، أو برج حمامه بين حمامات الناس، فإنه يجوز له التحري في هذه المواضع كلها.
فأما إذا وجد فلذة لحم ملقاة في الطريق، ولم يكن ملفوفًا بخرقة، ولا بشيء، فالظاهر أنها تكون ميتة، وإنما وقعت في فم طائر، أو غيره ويكون حرامًا، فأما إذا وجده في مكتحل أو خرقة، وما أشبه ذلك فالظاهر أنها مذكاة، ويكون مباحًا، إلا إذا كان في تلك البلدة مجوس ومسلمون، فاختلط البعض بالبعض، فحينئذ الظاهر أنه لا يباح له تناوله.
فأما إذا اشتبه امرأته فيما بين جماعة من النسوة لا يجوز له التحرى فيه، لأن الأصل في الفروج التحريم، ولا يجوز استباحتها بالاجتهاد، وعند الشك، ولأنه لا ضرورة له إلى ذلك، لأنه يمكنه أن يعقد على واحدة منهن عقد النكاح، فأما إذا اشتبه عليه واحدة من محارمه بين جماعة من النساء، أو اختلط محارمه بنساء بلدة بعينها ينظر فإن كان نساء تلك البلدة محصورات معدودات لا يجوز له التزوج بواحدة منهن بالاجتهاد، لأن ذلك قد وقع نادرًا، ويمكنه الانتقال إلى غيرهن، فأما إذا كان نساء تلك البلدة غير محصورات، فيجوز له التزوج بواحدة بامرأة غريبة منهم، فيجوز ذلك لأجل الضرورة، والله أعلم.