قال المزني: ولا أذان إلا بعد دخول وقت الصلاة خلا صلاة الصبح، فإنه يؤذن لها بليل، وليس ذلك بقياس، ولكن اتبعنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم لقوله:(إن بلالاً ينادي بليل، فكلوا واشربوا، حتى ينادي ابن أم مكتوم).
ثم لا يزال وقت الصبح قائمًا بعد الفجر ما لم يسفر، فإذا طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة منها، فقد خرج وقتها، فاعتمد في ذلك على إمامة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم ولما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.
قال القاضي حسين: إنما أراد بقوله: ليس بقياس، يعني على سائر الصلوات لا أنه مخالف للقياس، لأنه يقتضي ذلك قياسًا من قبل أن الناس لا يكونون مستعدين لصلاة الصبح، بل كانوا نائمين، وبعضهم محدث، وبعضهم جنب، والأذان شرع للإعلام.
فقلنا: بأنه يؤذن قبل دخول الوقت، حتى ينتبه الناس، ويتوضأ المحدث، ويغتسل الجنب حتى يحوزوا فضلية أول الوقت، ولا تفوتهم تلك الفضيلة، بخلاف سائر الصلوات فإن الغالب م حال الناس أن يكونوا أيقاظًا منتبهين، ويكونوا مستعدين للصلاة، والقائلون قليلون، وأيضا إنما ينامون استراحة في ثياب البذلة، ولا ينزعون الثياب، بخلاف زمان الليل، فلهذا لا يؤذن في سائر الصلوات بل دخول وقتها.
وقال أبو حنيفة: لا يؤذن قبل الوقت، والدليل عليه قوله عليه السلام: إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشروا حتى ينادي ابن أم مكتوم.
دل على جوازه، والمعنى فيه ما بينا من قبل، والله أعلم بالصواب.