للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا قال: الإمامة، يحتاج فيها الإنسان إلى تعلم أركاها وهيئاتها، وغير ذلك من تنقية الثوب وغيره، فيكون الثواب فيها أكثر لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة في تلك القصة المعروفة: (أجرك على قدر نصبك).

ومن قال بالأول أجاب عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما لم يؤذن، لأن المؤذن ينبغي أن يكون منتظرًا، والإمام منتظرًا فلو أذن صار منتظرًا، وذاك لا يجوز وأيضا الأذان دعاء إلى الصلاة وحث عليها، وكان أمر النبي صلى الله عليه وسلم واجبًا، فلو أذن وجب على من يسمع أذانه الحضور إلى الجماعة، وحضور الجماعة أمر مستحب غير واجب.

والدليل عليه أنه تلزمه الإجابة إذا دعاه النبي صلى الله عليه وسلم ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بمعاذ بن جبل فدعاه وهو في الصلاة فلم يجبه، فلما فرغ من صلاته أتاه معتذرًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم.

ولهذا قلنا: لو دعا النبي صلى الله عليه وسلم رجلا في الصلاة، فأجابه لا تبطل صلاته؛ لأن ذاك واجب عليه، وأيضا فإنه لو أذن لاحتاج فيه إلى أن يقول: أشهد أن محمدًا رسول الله والنبي صلى الله عليه وسلم لا يظهر النبوة من نفسه إلا عند دعوة الخلق إلى الله تعالى، فأما فيما سواه من سائر الأعمال فلا، وأيضا فإن فيه ترك النظم الذي هو سنة في الأذان.

<<  <  ج: ص:  >  >>