والثاني: أنه يلزمه ذلك، لأنه لا يشق عليه استقبال القبلة عند الشروع في الصلاة.
ومن أصحابنا من قال: ليست المسألة على قولين، بل المسألة على حالين، حيث قال: يلزمه ذلك أراد به إذا لم تكن الإبل، وكان يتعذر عليه تحويل وجهها إلى القبلة، فأما إذا شرع في الصلاة، ثم حول وجه الدابة عن القبلة، وكان طريقه نحو القبلة، إن كان عامدًا بطلت صلاته، وإن كان ناسيًا، فإن كان يسيرًا لا تبطل صلاته، وإن كان كثيرًا.
قال الشافعي: ولو تمادى وكان مخطئًا، أو ساهيًا تبطل صلاته.
هذا النص يدل على أن العمل الكثير مع السهو يبطل الصلاة، والأكل الكثير مع النسيان يبطل الصوم، وفي الكل وجه آخر انه يعذر فيه؛ لوجود النسيان، كما لو كان يسيرًا، فأما إذا تحولت الدابة بنفسها، وعدلت عن جهة القبلة، فإن ردها إلى جهة القبلة فلا كلام، وإن تركها كذلك، وكان عالمًا بذلك بطلت صلاته، وإن كان ناسيًا فعلى ما ذكرنا، فأما إذا أعداها، وأجراها جريًا شديدًا فإن كان له فيه غرض بأن فعل ذلك لخوفه من عدو ونحوه لا تبطل صلاته، وإلا فوجهان.
فأما إذا كان ماشيًا فإنه يلزمه استقبال القبلة في ثلاثة مواضع: عند افتتاح الصلاة، وعند الركوع، وعند السجود، وينبغي أن يسجد على وجه الأرض، ولا يلزمه الجلوس في التشهد والسلام، ولا استقبال القبلة فيما بينهما.
فأما إذا كان سفره نحو القبلة فيلزمه استقبال القبلة في جميع الصلاة، ولو تخطي على النجاسة بطلت صلاته، فأما إذا كانت النجاسة بين خطوتيه على الأرض، ولم يصبها رجلاه، فيه وجها بناء على ما إذا سجد على الأرض، وكان عليها نجاسة بحذاء صدره ولم تلاقها ثوبه، هل تبطل صلاته أم لا؟
فيه وجهان، فأما إذا عدا عدوًا شديدًا إن كان الغرض له في ذلك لا تبطل صلاته.