وقال أبو حنيفة: تجوز النافلة في السفر راكبًا، ولا تجوز ماشيًا.
قلنا: إحدي حالتي السفر فتجوز الصلاة فيها دليله الحالة الأخرى.
قال القفال: سألت الشيخ أبا زيد فقلت له: لماذا جوز الشافعي، رضي الله عنه، صلاة النفل في السفر راكبًا وماشيًا غير مستقبل القبلة؟
قال: لأن للناس أورادًا كثيرة، وربما تحتاج إلى الخروج في السفر في معاشه ومكاسبه، فلو قلنا: إنه لا يجوز له النافلة في السفر، لأدى ذلك إلى أن يشتغل بالأوراد وينقطع عليه معاشه.
وقال أيضا: سألت أبا عبد الله الخضري عن هذا.
فقال: ربما كان للإنسان أوراد كثيرة، وخرج إلى السفر في بعض حوائجه، لأمر معاشه ومعاده، فلو قلنا: لا يجوز له النافلة في السفر لأدى ذلك إلى أن يشتغل بأمر معاشه، وتنقطع أوراده.
قال القفال رحمه الله، انظروا إلى فضل ما بين العقيدتين، فإن أبا زيد كان رجلا زاهدًا عالمًا، وكان مشتغلا بعبادة الله تعالى، فلهذا قدم أمر الدين على أمر الدنيا في الجواب عنه.
فأما أبو عبد الله فإنه كان مشغولا بأمر الدنيا، وكان يصلي مثل ما يصلي الفقهاء في العادة، فلهذا قدم أمر الدنيا على أمر الدين، فأما إذا كان في الحضر عامة أصحابنا على أنه لا تجوز النافلة في الحضر راكبًا.
وحكم عن أبي سعيد الإصطخري أنه كان يقول بأنه يجوز، ووروى أنه كان محتسبًا بـ (بغداد)، وكان يطوف في السكك، ويصلي راكبًأ، فأما إذا صلى ماشيًا في الحضر، فهل يجوز أم لا؟