وإن قلنا: بأنها تجوز، فإنه لا يلزمه النزول من البداية، بل له أن يتمها على ظهر الدابة، فأما إذا اجتاز ببلدة في وسط الطريق، ولم ينو الإقامة فيها، بل دخلها مجتازًا ينظر فيه، فإن لم يكن له فيها أهل ومال، فإنه لا يلزمه النزول، بل يصلي راكبًا، وحكمه حكم المسافرين.
فأما إذا كانت بلدة له فيها أهل، ومال وغيرهما مثل أن كان في (مرو الروز) مسافر من بلخ إلى نيسابور، فاجتاز في وسط الطريق بـ (مرو الروز) أم لا؟
فيه جوابا بناء على انه إذا دخل فيها، هل يجوز له الترخص برخص المسافرين من القصر والإفطار ونحوه؟
وفيه قولان بناء على ما لو كان في لجة البحر في سفينة، أو كان في وسط المفازة ونوى الإقامة هل يصير مقيمًا أو لا؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه يصير مقيمًا اعتبارا بالنية
والثاني: لا لعدم الأهل والمال وصلاحية المحل.
إن قلنا: هناك يصير مقيمًا لوجود النية، فها هنا لا يصير مقيمًا لعدم النية منه، وإن قلنا: لا يصير مقيمًا لعدم الأهل والمحل، فها هنا يصير مقيمًا فيه لوجودهما.
وروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يصلي على راحلته، في السفر أينما توجهت به، وأنه عليه السلام كان يوتر على البعير، وأن عليا كان يوتر على الراحلة.
قال: وفي هذا دلالة على أن الوتر ليس بفرض، وأراد به ردًا على أبي حنيفة: حيث قال: إنه واجب، لأنه لو كان واجبًا لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، على البعير كسائر الواجبات.
والدليل على أنه ليس بواجب ما روى أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، كم علي من الصلوات في كل يوم وليلة؟ فقال عليه