للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تبين أنه لم يكن معذورًا فيه، بل هو مفرط في ذلك، لأنه وجب عليه في الابتداء أن يبالغ في الاجتهاد، ويستقصي ويمعن النظر فيه، فإذا تغير اجتهاده تبين أنه كان مفرطًا فيه إذا أخرج نفسه عن صلاة الإمام.

اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: فيه قولان، سواء كان معذورًا فيه، أو لم يكن معذورًا فيه، ومنهم من قال القولان فيما إذا كان معذورا فيه، فأما إذا لم يكن معذورًا فيه قوله واحد، أنه تبطل صلاته ومنهم من قال القولان فيما إذا لم يكن معذورًا فيه، فأما إذا كان معذورًا فيه قول واحد: أنه لا تبطل صلاته.

فحصل في مسألتنا من صلاة المأمومين بعدما تحرفوا إلى الجهة الثاية قولان:

أحدهما: أنه بطلت صلاتهم.

والثاني: أنها لا تبطل صلاتهم، ولهم أن يبنوا على صلاتهم فأما إذا تغير اجتهاد الإمام، فإنه ينحرف إلى الجهة الثانية، وماذا حكم صلاة القوم

قال الشافعي رضي الله عنه: القياس أنه كالمسألة الأولى، اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: فيها قولان، كما في المسألة الأولى.

ومنهم من قال: ها هنا الصحيح أنهم يبنون على صلاتهم، لأنهم كانوا معذورين في ذلك، إذ لا يمكنهم أن يحفظوا اجتهاد الإمام كي لا يتغير ولم يوجد التفريط من جهتهم في ذلك، فعلى هذا تأويل قوله: إنه كان كالمسألة الأولى يعني في إخراج أنفسهم عن صلاتهم الإمام.

قال المزني: فإن كان الغيم، وخفيت الدلائل على رجل، فهو كالأعمي.

وقال في موضع آخر، ومن دله من المسلمين وكان أعمي، وسعه اتباعه، ولا يسع بصيرًا خفيت عليه الدلائل اتباعه.

قال المزني: لا فرق بين من جهل القبلة، لعدم العلم، وبين من جهلها، لعدم البصر، وقد جهل الشافعي من خفيت عليه الدلائل كالأعمى، فهما سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>