عن ذلك فقال: لا يجوز له تقليده نصًا، فأخبرته بقول أبي زيد فقال: أنا لا أتهمه في ذلك، ويحتمل، أن الشافعي، رحمه الله، أراد بذلك النص إذا دله فإنه يجوز، وبالنص الثاني أراد أراد أنه أخبره بجهة القبلة باجتهاد من قبله.
فأما إذا قال له: إني رأيت الشمس تطلع من هذا الجانب، أو تغرب من هذا الجانب، أو رأيت القطب من هذا الجانب، فإنه يأخذ بقوله، ويصلي إلى تلك الجهة، وليس هذا بتقليد منه له، لأنه لما أخبره عن حقيقة الحال، ولم يخبره عن تحر واجتهاد، فصار هذا كالعالم إذا أفتى عاميًا في مسألة، وأخبره بأنه أفتى له بنص من كتاب أو سنة، فيجوز له أن يفتي لغيره في تلك المسألة، ولو أفتى له العالم بالاجتهاد، فحينئذ لا يجوز له أن يفتي لغيره في تلك المسألة بذلك الاجتهاد.
فأما تقليد المؤذن ينظر فيه، فإن كان عارفاً، لأوقات الصلاة له يقلده في أوقات الصلاة، وإن لم يكن عارفًا بها، فليس له أن يقلده في شيء من أوقات الصلاة.
فأما الديك فهل يجوز أن يعتمد على صياحه في وقت صلاة الصبح، في يوم الغيم، ينظر فيه، فإن اختبره في الأيام المنكشفة، ووجده يصيح في وقت الصبح في جميع الأيام، فإنه يجوز له أن يعتمد فيه صياحه، وإلا فلا، وقد ذكرنا أنه إذا كان للرجل أوراد معلومة، أو عمل واصب، فإنه يجوز له أن يعتمد على ذلك في معرفة أوقات الصلاة دون معرفة القلة.
قال المزني: قال الشافعي: ومن اجتهد فصلى إلى المشرق، ثم رأى القبلة إلى الغرب استأنف، لأن عليه أن يرجع من خطأ جهتها إلى يقين صواب جهتها، قال القاضي حسين: إذا صلى إلى جهة ثم تبين له يقين الخطأ ويقين الصواب، فهل يلزمه إعادة تلك الصلاة أم لا؟