للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وها هنا في جهة واحدة، وكان الاختلاف يسيرًا فكان معفوا، فلا يمنع صحة الاقتداء، والله أعلم بالصواب.

قوله: إذا صلى الأعمى بالتقليد، ثم قال له رجل آخر: قد أخطأ بك فلان، ينظر فإن كان في خلال الصلاة، وكان الآخر عنده دون الأول أو مثله، فلا يلتفت إلى قوله، بل يمضي في صلاته، وإن كان أرجح من الأول عنده، فإنه إن قال: أخطأ بك في التحرف يمنة أو يسرة، فإنه ينحرف ويمضي في صلاته، ولا إعادة عليه، وإن قال: أخطأ بك في الجهة، فيخرج على القولين وقد ذكرناهما.

فأما رذا كان قبل الشروع في الصلاة ينظر فيه، فإن كان الثاني دون الأول عنده في الاجتهاد، فإنه لا يصدقه، بل يصدق الأول فيه، وإن كان دون الأول، فإنه كالمتحير يصلي إلى أي الجهتين شاء ويعيد، وإن كان أرجح من الأول، فإنه يصدقه، ويصلي إلى الجهة التي دله عليها.

فأما إذا شرع في الصلاة بدلالة بصير، ثم ارتد بصيرًا في خلال الصلاة، فإن قلنا: يجوز له التقليد في الابتداء لو كان بصيرًا، فها هنا يمضي في صلاته.

وإن قلنا: هناك لا يجوز له التقليد، فها هنا وجهان:

أحدهما: وهو الصحيح أنه تبطل صلاته، لأنه بصير، فلا يجوز له التقليد، كما لو كان في ابتداء الصلاة.

والثاني: أنه لا تبطل صلاته؛ لأن صلاته انعقدت في الابتداء بالتقليد، ففي الدوام مثله؛ لأن الدوام ينبني على الابتداء، فأما إذا كف بصره في خلال الصلاة، ثم قال له آخر: فإن احتمل أنه تحول عن ذلك المكان، فإنه يعتمد على قوله في ذلك، وإلا فلا.

فإن قيل: قد قلتم بأنه إذا شك في أنه هل صلى ثلاثًا، أو أربعًا يبني على اليقين، ويطرح الشك، فوجب أن يقولوا ها هنا، لا يصلي بالاجتهاد، بل يؤخر الصلاة حتى يتيقن له إصابة عين القبلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>