أحدهما: أن هناك ليس لذلك أمارات ودلالات تلوح له أنه صلى ثلاثًا أو أربعًا، فلهذا قلنا: إنه يترك الاجتهاد، ويأخذ باليقين، وها هنا للقبلة أمارات ودلالات تعرف بها جهة القبلة، فقلنا: بأنه يجتهد فيها حتى تلوح له تلك الدلالة.
وأيضا إن هناك لو قلنا: إنه لا يجتهد، ويبني على اليقين لا يؤذي إلى إخراج الصلاة عن وقتها، فقلنا: بأنه جائز، وها هنا لو قلنا: بأنه لا يجتهد، ويترك حتى يتبين له يقين الصواب لأدى ذلك إلى خروج الصلاة عن وقتها، وهذا لا يجوز.
وقال أبو حنيفة: لو صلى ثم تبين له يقين الصواب، ويقين الخطأ لا يلزمه الإعادة، وهو اختيار المزني، واحتج عليه بمسائل:
منها: أن الأسير في أيدي الكفار إذا اشتبه عليه شهر رمضان، فإنه يصوم شهرًا بالاجتهاد، وإن وافق ذلك الشهر غير الشهر أي شهر رمضان لا قضاء عليه.
قلنا: فيه تفصيل على المذهب، إن وافق ذلك الشهر شهرًا قبل شهر رمضان فإنه يلزمه القضاء، وإن وافق شهرًا بعده لا يلزمه القضاء، لأن الواجب عليه ما أتى به، وفي الجملة الفرق بينهما أن الصوم يجوز له تأخيره عن وقته باختياره مع علمه بذلك بعذر المرض والسفر ونحوهما، فجاز أن يقال بأنه لا يلزمه القضاء، وها هنا لا يجوز له ترك استقبال القبلة باختياره مع علمه بذلك، فقلنا: بأنه يلزمه القضاء إذا تحقق منه ترك استقبال القبلة.
واحتج أيضًا بأن الحجيج لو وقفوا بعرفة غالطين يوم العاشر، فإنه يجزيهم حجهم ولا قضاء عليهم.
قلنا: له فيه تفصيل أيضا، والصحيح أنهم إذا كانوا خلقًا كثيرًا لا يلزمهم الإعادة، والفرق بين هذا وذاك من وجهين: