فلو كانت الصلاة لا تنعقد خلف الجنب لأمرهم بإعادة التحريمة.
وروى ان عمر رضي الله عنه، صلى بالناس بـ (المدينة)، ثم خرج إلى قرية، فرأي في الطريق أثر الاحتلام على ثوبه، فقال: يصنع اللحم بنا هكذا إذا أكلناه، ما أراني إلا وقد احتلمت البارحة، وصليت بالناس وأنا جنب.
فأعاد الصلاة، ولم يأمرهم بالإعادة، ولأنا أجمعنا على أن الإمام إذا سبقه الحدث في خلال صلاته، لا تبطل صلاته من خلفه، فإذا كان الامام لا يقطع صلاة المأمومين مع علمهم بذلك، فلأن لا ينعقد بمنع انعقاد صلاتهم مع جهلهم به أولى، ولأن الحدث والجنابة يخفي، فلا يطلع الانسان عليه غالبا فيعذر فيه، لأنه لم ينسب فيه إلى التفريط، والتقصير بخلاف ما لو كان الامام كافرًا، أو امرأة، أو خنثى، يلزمه الإعادة، لأن الكفر والأنوثة مما يطلع عليه في الغالب، لأن الكفار والإناث علامة يمتازون بها من الذكور والمسلمين، وانتسب إلى التفريط بترك التعرف عنهما.
نظير مسألتنا أنه لو كان كافرًا يستسر الكفر، فلا يوجب الإعادة.
وقال مالك: إن علم الامام بحديث نفسه، تبط صلاة المأمومين، وإلا فلا تبطل.
وقال أبو حنيفة: إن صلى الرجل، وهو جنب أو محدث، فإن تعمده، يكفر.
وعندنا لا يكفر، ولكن يعصي ويأثم، وحكي في كره هذا القول عن بعض العلماء دون أبي حنيفة، وإذا بأن أنه كان على ثوب الامام نجاسة، فالذي في حفظي عن غيره، أنها إن كانت على ظاهر ثوبه، بحيث يقع بصره علىها، أن لو يعرف لزمه الإعادة، وإن كان على باطن ثوبه غائبًا عن بصره، فلا إعادة عليه في ظاهر المذهب.