أحدهما: أنها لا تنفك عن النجاسات غالبًا، لأنها ممر الدواب والبهائم، والثاني: أن المارة تكثر فيها، فلا يكمل الخشوع ويتعلق قلبه بما يتوهمه من المارة بين يديه، فلو بسط فيها ثوبًا طاهرًا، فالكراهية باقية، وإن ارتفع معنى النجاسة، لأن المعنى الثاني يمنع الخشوع في الصلاة، ويوجب اشتغال القلب، وهو قبل بسط الثوب الطاهر عليها موجود بعده، وتنعقد الصلاة.
ولو صلى فيها في جوف الليل، فمكروه، لأنه لا يأمن مرور المارة بين يديه بالليل كهو بالنهار.
وأما معاطن الإبل، فالنهي عن الصلاة فيها لأجل النجاسة، وأنه لا يكمل الخشوع في الصلاة فيها لما في الإبل من النفار، وعدم السكون، فلو بسط عليها ثوبًا طاهرًا، فالكراهية باقية لبقاء المعنى الثاني المانع من الخشوع، وإن ارتفعت النجاسة، تنعقد الصلاة.
وقال أحمد: الصلاة في معاطن الإبل لا تجوز، وفي مرابض الغنم جائز، سئل النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: أنصلي في معاطن الإبل؟ فقال: لا، فقال: أنصلي في مرابض الغنم، فقال: نعم.
وعندنا هذا محمول على الاستحباب.
قال المزني: وما خالط التراب من نجس، لا تنشفه الأرض، إنما يتفرق فيه، فلا يطهره إلا الماء.
قال القاضي حسين: قد ذكرنا حكم النجاسة المائعة إذا أصابت الأرض، فإن كانت الأرض صلبة، يصب عليها الماء، وإن كانت رخوة، فإذا أورد عليها الماء كثيرًا، فإنه يطهرها.