للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الجامد من النجاسات إذا أصابت الأرض، لا تقبل التطهير، يصب الماء عليها بل تزداد إذا صب الماء عليها، ولو مضت عليها دهور، وشهور حتى صارت النجاسة بطبع التراب هل يحكم بطهارتها؟

فوجهان:

أحدهما: بلى، وبه قال أبو حنيفة.

والثاني: لا؛ لأن عين النجاسة قائم، وإنما بدلت صفاتها، وعلى هذين الوجهين: السماد إذا جعل في الأرض، فمضت عليها مدة صار بطبع التراب فهل يحكم بطهارته؟

فعلي وجهين، وهكذا الكلب، إذا صار ملحًا، وعلى أصل أبي حنيفة، يتصور أن يكون خنزيرًا نصفه طاهر، ونصفه نجس، بأن وقع نصفه في الماء، ونصفه في المملحة فيصير ملحًا.

قال المزني: وإن ضرب لبن فيه بول الطين المعجون بالبول وغيره من النجاسات، لم يطهر، إلا بما تطهر به الأرض من البول، والنار لا تطهر شيئًا.

قال القاضي حسين: إذا ضرب منه لبن فتطهيره، بأن يصب الماء، بحيث يتخلخل في باطنه، وينفذ فيه، ويصل الماء من كل جانب إلى جانب الآخر، كالأرض إذا أصابها نجاسة، تطهيرها بأن يصب الماء عليها حتى ينشف فيها، ولو طبخ اللبن المضروب من الطين النجس.

فالمذهب أنه نجس؛ لأن النار لا تطهر شيئا على حسب ما نبين، فلو صب الماء عليه، فلا يتصور أن يتخلخل في باطنه، وينفذ فيه لصلابته، لكن ظاهره يطهر، لأن إصابته الماء يقينًا، فيجوز أن يصلي عليه، وهل يصلي معه.

الصحيح أنه لا يصلي معه: لبقاء النجاسة في باطنه.

وفي وجه آخر: أنه يجوز؛ لأن النجاسة المستنبطة، لا يمنع الصلاة معها،

<<  <  ج: ص:  >  >>