فأما إذا لم يكن له في العبور غرض ما فيكره، وإن فعل فآثم لظاهر القرآن ثم النص من الشافعي رضي الله عنه ولو كان له طريقان: أحدهما أقرب، والآخر أبعد، وهو جنب في المسجد فاختار الأبعد من غير غرض فعل يكره، يحتمل وجهين بناء على أنه إذا سلك الطريق الأبعد هل يبلغ مسافة القصر؟
وترك الأقرب الناقص عنها من غير غرض، هل يترخض برخص المسافرين؟ وفيه قولان:
وأما الحائض لا يجوز لها العبور في المسجد إن لم تعصب فرجها، وإن عصبت فوجهان:
أحدهما: يجوز كما للجنب.
والثاني: لا؛ لأنها لا تأمن من انحلال عصابتها، وسيلان الدم منها، فتلوث المسجد، ولأن حكم الحيض أغلظ من حكم الجنابة، يدل على أنه يؤثر في تحريم الوطء، واسقاط الصلاة، وفعل الصوم بخلاف الجناية، فأما بعد انقطاع الدم، وقبل الاغتسال حكمها حكم الجنب.
ولو وقعت لها خصومة، أو أرادت أن تشهد، فليس لها الدخول في المسجد، إذا كان الحاكم يقعد في المسجد في مجلس الحكم في المسجد، بل الحاكم يخرج من المسجد إليها، ويسمع منها شهادتها، وكذا الجنب إذا أراد أن يشهد عند الحاكم في المسجد، ما حكمه؟
لو أمكنه ان يشهد عنده في العبور، بحيث لا يمكث فيه شيئا له ذلك، وإلا فلا يجوز له المكث فيه على ما بينا.
ولو كان رجل في المسجد، فاحتلم، وكان ذلك ليلا مظلمًا يخاف على نفسه وماله، جاز له المكث فيه، لكنه يتيمم إن وجد في المسجد ترابًا غير ترابه، بأن كانت الرياح هبت، فأتت به في المسجد.