وأما المشرك لا يجوز له البيتوتة، والمكث، والعبور في المسجد الحرام لظاهر قوله: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام، وله فيما عدا المسجد الحرام أن يمكث، ويبيت بإذن مسلم، ودون إذن مسلم فيه وجهان.
وإذا تصدر حاكم في المسجد للحكم، وفصل القضايا، جاز للمشرك الدخول فيه، لأن جلوسه في المسجد إذن منه للمشركين في دخوله، لأنه يفصل الخصومات بينهم، كما بين المسلمين وجوبا في قول، وجوازًا في آخر.
وقال المزني: إذا جاز للمشرك أن يبيت في المسجد فالمسلم الجنب به أولى. وقال بعض أصحابنا، إذا صورة المسألة المشرك إذا لم يكن جنبًا، فإن علمت جنابته منع من البيتوتة فيه كالمسلم.
ومن أصحابنا من قال: للمشرك البيتوتة في المسجد جنبًا كان أو لم يكن، والفرق بينه وبين المسلم، أن المسلم يعتقد إعظام المسجد، ووجوب احترامه، فيمنع من أن يقدم على فعل يتضمن ترك الاحترام، وخلاف التعظيم بخلاف المشرك.
فَرْعٌ
لا يجوز للرجل أن يغرس في المسجد غرسًا، ولا أن يحفر فيه بئرًا أو حوضًا، ولا أن يبني فيه منارة، ولا أن يضع فيه اللبنات ويضعها في زواية منه، أو يجمع الحشيش في موضع منه، لأن هذه الأشياء مما تشغل موضع الصلاة.
وقيل: إن حكم اتخاذ المنارة أخف، لأنه يمكن الصلاة على رأس المنارة، بخلاف حفر البئر ونحوه، وهكذا لا يجوز الاستطراق في المساجد من غير غرض صحيح له فيه، ولو اتخذ سردابًا تحت المسجد يتنفس فيه من حر الشمس، جاز، لأنه يمكن الصلاة فيه.