أحدهما: الأسن الأولى، لأنه فضيلة في ذاته، والنسب فضيلة تكون في ذات الغير.
والثاني: النسب أولى، لأنه يشبه المكتسب، فإن قريشًا سميت قريشًا، لأنهم يقرشون الطعام، ويقرون الضيف، وكان يسمى بنو هاشم كذا بنو هاشم، لأن جدهم كان يهشم الثريد للناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قدموا قريشًا، وقال عليه السلام: الأئمة من قريش.
وحكي المزني رحمه الله عليه عن القديم، فإن استووا فأقدمهم هجرة منهم من قال: أراد به هجرة آبائه، فعلى هذا يكون ذلك جوابًا على القول الذي يقول: النسب أولى من السن.
ومنهم من قال: أراد به هجرة نفسه، فعلى هذا يعود الأمر إلى ما بيناه من أن أسبقهما هجرة يقدم على الأسن والأنسب.
ومن أسلم بنفسه كان أولى ممن أسلم بأحد أبويه، وإن تأخر إسلامه عن إسلام من أسلم أبواه، لأنه إذا أسلم بنفسه، فقد اكتسب هو تلك الفضيلة، بخلاف الآخر، والأورع الفقيه في باب الأمامة أولى من الأفقه الورع، وفي باب الفتوى، الأفقه الورع أولى من الأورع الفقيه.
والفرق ما بيناه من أن الإمامة سفارة، وأن استويا في الفقه والقراءة، وكان أحدهما أقدم هجرة والآخر أنسب، ففيه قولان: