لأن قولك: خضعتُ لك كقولك: خضعتْ رقبتي لك، وقال مجاهد أعناقهم: رؤساؤهم، فقال (خاضعين) على معنى: ظل رؤساؤهم خاضعين ويجوز أن تكون الأعناقُ: الجماعاتِ؛ كما تقول: رأيتُ عنقاً من الناس، أي جماعاتً، وقال الكسائي وهشامٌ: إنما قال (خاضعين) فذكر لأنهم للهاء والميم، والمعنى: خاضعيها، فأضمر بعد (خاضعين)(هم)، وقدمت الهاء والألف، ودخلت اللام عليها؛ لتكون عقيب الإضافة.
وكذلك يقال: ذهبتْ نفسُ عبد الله، أراد عبد الله، ومن قال هذا قال: قُطِعَ ألفُ هند، ولا يجوز: قُطِعَتْ أنْفُ هند؛ لأنك لا تقول: قطعت هند وأنت تريد قُطِع أنْفُها.
وكذلك تقول: غلامُ جاريتك قائمٌ، ولا يجوز أن تقول: غلامُ جاريتك قائمةٌ؛ لأنك إذا قلت: غلامُ جاريتك قائمةٌ لم يكن فيه دليلٌ على أن الغلام هو القائم؛ كما أنك إذا قلت: خضع عبد الله كان بمنزلة: خضعتْ رقبتُه، وذهب عبد الله بمعنى ذهبت نفسه، ومما جاء في أشعار العربِ من هذا الباب قول الأعشى:
وتشرَقُ بالقول الذي قد أذعتهُ ... كما شرقتْ صدرُ القناةِ من الدمِ
فأنت (شرق) والصدرُ مذكرٌ؛ لأنه حمله على معنى: شرِقَت القناةُ.