اعلم أن اسم (كان) إذا كان مذكراً والخبر مؤنثاً مقدماً عليه كان لك في (كان) وجهان: التذكير والتأنيث. تقول من ذلك: كان رحمةً المطرُ الذي أصابنا البارحة، وكانت رحمةً، فمن ذكر (كان) قال: المطر مذكرٌ، والرحمةُ مؤنثة ومعناها التأخير، فكما أقول: كان المطرُ الذي أصابنا البارحة رحمةٌ؛ كذلك أفعلُ إذا قدمتُ الخبر.
ومن أنُ قال: لما كان الخبرُ قد وَلِيَ (كان) وهو مؤنثٌ أنثتُ (كان) تقديرا، أن الاسم مؤنثٌ؛ لأن الأخبار سبيلها أنْ تكون موافقةً للأسماءِ، وكذلك تقول: كان رحمةً رزقُ الله، وكانت رحمةً رزقُ الله، على ما مضى من التفسير. ومن قال هذا لم يقل: كانت شمساً وجهُك، وكان بليةً علينا عبد الله؛ لأن هذا إنما يجوز في المصادر التي تذكيرها وتأنيثها بمعنى، ولا يجوز في الأسماء التي ليست بمأخوذةٍ من فعلٍ.
فإنْ أنكر عليك التأنيث في المسألتين الأوليين منكرٌ فاحتج عليه بقول الله عز وجل:(ثم لم يكن فتنتهم إلا أن قالوا). قرأ أهل المدينة وعاصمٌ وأبو عمرو بتأنيث (تكن) وهي لأنْ (وأنْ) مُذكرٌ؛ لأن خبر (كان) قد تقدم على اسمها وهو مؤنثٌ، فقُدِّرَ بتأنيثِ الخبر أن الاسم مؤنثٌ، ومن