لاصق فعله وحُكِيَ عن العرب: حضر القاضي امرأةٌ، ويجوزُ: حضرتْ القاضي امرأةٌ على ما مضى من التفسير. وقال السجستاني: حسُنَ التذكير في هذه المسألة؛ لأنها جرتْ على ألسنتهم، فصارتْ كالمثل، وقال: إذا فُصِلَ بين المؤنث وفعله بشيء كان الحاجز بينهما عوضا من تاء التأنيث المحذوفة، وكذلك تقول: جلست في الدار جاريتك، وجلس في الدار جاريتك، ولبستْ الثوب هندٌ، ولبس الثوب هندٌ.
وقال أبو عبيد والليث والأخفش: إذا فرق بين الفعل والمؤنث كان التذكير حسناً؛ كقولك: تكلم في البيت أختك، واحتج أبو عبيد بقول الله عز وجل:(لن ينال الله لحومها ولا دماؤها) فقال: اجتمعت القراء على تذكير الفعل، واللحوم مؤنثةٌ لما فرق بينها وبين الفعل. وقال: الفراء وأبو العباس: إنما حسن تذكير الفعل في هذه الآية؛ لأن الجحد تقدم، فكأن المعنى: لن ينال الله شيء من لحومها، وكان يعقوب الحضرمي يقرأ:(لن تنال الله لحومها ولا دماؤها ولكن تناله التقوى منكم) بالتاء في الفعلين جميعا، فأنث فعل اللحوم، ولم يلتفت إلى التفريق والجحد، وقال الشاعر في تذكير فعل المؤنث لما فصل بينهما. أنشد الفراء: