أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لَم يأتوا بعد)) الحديث، رواه مسلم (٢٤٩) وغيرُه.
فدلَّ الحديثُ على التمييز بين أصحابه وإخوانِه، وأنَّ أصحابَه هم الذين أدركوه ورأوه، وإخوانَه الذين يأتون مِن بعد ولَم يروه، والمرادُ بالأُخوَّة الأخوَّة الإيمانية، والصحابةُ جمعوا بين الصُّحبةِ والأُخوَّة، والذين بعدَهم نصيبُهم الأُخوَّة وحدها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (٨/٣٨٩) : ((ومعلومٌ أنَّ قوله (إخواني) أراد به إخواني الذين ليسوا بأصحابي، وأمَّا أنتم فلكم مزيَّة الصُّحبة ...
فجعل هذا حدًّا فاصلاً بين إخوانه الذين ودَّ أن يراهم وبين أصحابه، فدلَّ على أنَّ مَن آمن به ورآه فهو من أصحابه، لا مِن هؤلاء الإخوان الذين لَم يَرَهم ولَم يَرَوْه، فإذا عُرف أنَّ الصُّحبةَ اسمُ جنسٍ تَعُمُّ قليلَ الصُّحبة وكثيرَها، وأدناها أن يصحبَه زمناً قليلاً، فمعلومٌ أنَّ الصِّديقَ في ذروةِ سَنَام الصُّحبة وأعلى مراتبها؛ فإنَّه صَحِبَه من حين بعثه الله إلى أن مات)) .
الثامن: روى الإمام أحمد في مسنده (٤/١٥٢) عن محمد بن عُبيد الطنافسي قال: ثنا محمد ـ يعني ابنَ إسحاق ـ حدَّثني يزيد بن أبي حبيب، عن مَرثد بن عبد الله اليَزَنِي، عن أبي عبد الرحمن الجُهنِيِّ قال: ((بينا نحن عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلع رَكْبان، فلمَّا رآهما قال: كِنديان ومُذْحجِيان، حتى أتياه، فإذا رجالٌ من مُذحج، قال: فدنا إليه أحدُهما ليُبايِعه، قال: فلمَّا أخذ بيده قال: يا رسول الله! أرأيتَ مَن رآك فآمن بك وصدَّقك واتَّبعك: ماذا له؟ قال: طوبى له، قال: فمسح على يده، فانصرف، ثمَّ