خاص. بمعنى أنه مثل اقتلوا اليهود، يتناول الجملة التي استوعبها اللفظ العام. من قولهم خُصَّ فلان بكذا، بمعنى أنه أفرد به دون غيره ممن يشمله وإياه معنى أو معانٍ.
فإذا كان اللفظ الخاص حكمه حكم اللفظ العام على ما قدمناه قيل هذا لفظ خاص ولفظ عام وإذا كان حكم اللفظ الخاص يضاد حكم اللفظ العام بان أخرج من اللفظ بعض ما تناوله مثل قوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: الآية ٥] ثم يرد بعد هذا النهي عن قتل من أدّى الجزية، فإنه قد أخرج باللفظ الخاص بعض ما تناوله اللفظ العام، فيصح أن يقال في هذا إنه خصوص، بمعنى أن أهل الجزية خُصّوا بهذا. ولفظ التخصيص فيه أظهر وأكثر استعمالًا عند أهل الجدل.
ومعنى ذلك أن هذا خصّ اللفظ الأول فجعله خاصًّا فيمن لم يؤد الجزية بعد أن كان عامًّا فيهم وفي سواهم ويحتمل أن يكون معنى ذلك أنه خصّ من يقع عليه بحكم مخالف للذي ورد به اللفظ العام. واللَّه أعلم.
المجمل: ما لا يفهم المراد به من لفظه، ويفتقر في بيانه إلى غيره. معنى المجمل أن يكون اللفظ يتناول جملة المعنى دون تفصيله، وورد على صفة تقع تحتها صفات وأجناس متغايرة. ولذلك قيل في حدّه "إنه لا يفهم المراد به من لفظه" لوقوعه على أجناس متباينة مختلفة، فلا يمكن امتثال الأمر به إلا بعد بيانه، لأن المأمور لو أراد امتثال الأمر به لم يمكنه القصد إلى جنس مخصوص، لأن اللفظ المجمل لا يقتضيه ولا ينبئ عنه بمجرده، فلما كان هذا حكمه افتقر إلى معنى غيره يبينه ويوضح عن جنسه وقدره وصفاته وغير ذلك من أحكامه.
وذلك مثل قوله تعالى:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}[الإسراء: الآية ٣٣] فلفظة السلطان ههنا مجملة، لا يعلم المراد بها [من] جنس مخصوص من قتل أو دية أو حبس أو غير ذلك.
ومن ذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه فإذا قالوها عصموا مني أموالهم ودماءهم إلا بحقها (١). فلفظة الحق ههنا مجملة، لأنه لا يعلم جنس الحق ولا قدره. وقد عاد ذلك بالإجمال في قوله: "عصموا مني دماءهم وأموالهم" وإن كان اللفظ عامًّا معروف الجنس. لكنه لما استثني منه مجملٌ غير معلوم، صار ما بقي منه مجملًا غير معلوم.
(١) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي، انظر كشف الخفا للعجلوني ١/ ١٩٤.