أحدهما: أن يكون بمعنى العلم. من قوله تعالى: {نِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠)} [الحاقة: الآية ٢٠]. وقول الشاعر:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سُراتهم بالفارسي المصرد
والضرب الثاني: ليس بمعنى العلم، ولكنه من باب التجويز. وللمظنون مزية على سائر الوجوه التي يتعلق بها التجويز وهذا الجنس هو الذي حددناه
وأما القسم الأول فقد دخل في باب العلم.
ولا يصح الظن ولا الشك في أمر لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا، وإنما يصح فيما يحتمل وجهين وأكثر من ذلك. فإن قوي تجويز أحد الوجوه التي يتعلق بها التجويز كان ظنًّا، وإن استوت كان شكًّا.
والظن في نفسه يختلف، فيقوى تارة ويضعف أخرى ما لم يبلغ حد مساواة هذا الوجه لغيره من الوجوه، فيخرج بذلك عن أن يكون ظنًّا.
والسهو: الذهول.
معنى السهو أن لا يكون الساهي ذاكرًا لما نسي. وهو على قسمين:
أحدهما: أن يتقدمه ذكر ثم يعدم الذكره فهذا يصح أن يسمى سهوًا ويصح أن يسمى نسيانًا.
والقسم الثاني: لا يتقدمه ذكره فهذا لا يصح أن يوصف بالنسيان، وإنما يوصف بالسهو والذهول.
والعقل: العلم الضروري الذي يقع ابتداءً ويعم العقلاء.
فلا يلزمنا على هذا معرفة الإنسان بحال نفسه من صحته وسقمه وفرحه وحزنه، لأن ذلك لا يقع ابتداءً، ولولا وجود ذلك به ما علمه.
وليس كذلك علمنا بأن الاثنين أكثر من الواحد وأن الضدين لا يجتمعان، فإن ذلك يعلمه العاقل من غير حدوث شيء ولا وقوعه ولا إدراك حاسة ولا سماع خبر.
وليس كذلك العلم الواقع عن إدراك الحواس، فإنه لا يقع إلا بإدراك الحواس، وكذلك علم الإنسان بصحته وسقمه، فإنه لا يقع ابتداءً، وإنما يقع بعد أن يوجد ذلك به.