فهذا النوع من القلب معارضة، لأن أكثر هذه الأوصاف لا يحتاج القالب إليها. لأنه لو قال مالان فقط لم ينتقض بشيء. واللَّه أعلم بالصواب.
المعارضة: مقابلة الخصم للمستدل بمثل دليله أو بما هو أقوى منه.
ومعنى ذلك أن يستدل المستدل بدليل، فيسلم السائل صحته ويعارضه بدليل مثله أو أقوى منه ولو عارضه بدليل أضعف من دليله لكان معارضًا من جهة اللغة، لكنها ليست المعارضة التي يريدها أهل الجدل، ويتعلق بها مقاومة الخصم للمستدل أن يقول إني آثرت هذا الدليل لكونه أقوى مما تعلقت به.
وأما إذا عارضه بمثل دليله أو بما هو أقوى منه، فلا حجة للمستدل، لأن للسائل أن يقول له إذا تساوى الدليلان فَلِمَ تَعَلَّقْتَ بالدليل الذي استدللت به دون ما يخالفه من الدليل الذي عارضتك به، ويلزم المستدل ترجيح دليله على دليل السائل، وإلا كان منقطعًا.
الترجيح: بيان مزية أحد الدليلين على الآخر.
ومعنى ذلك أن يستدل المستدل بدليل فيعارضه السائل بمثل دليله، فيلزم المستدل أن يرجح دليله على ما عارضه به المستدل ليصح تعلقه به.
ومعنى الترجيح أن يتبين له في علته مزية في وجه من الوجوه يقتضي التعلق بها دون دليل المعارضة. وقد بينّا وجوه ذلك في نفس الكتاب.
الانقطاع: عجز أحد المتناظرين عن تصحيح قوله.
وقد قال كثير من شيوخنا إن حده العجز عن نصرة الدليل. وهذا ينقطع بانقطاع السائل. فإنه لم يعجز عن نصرة دليل، وإنما عجز عن نصرة ما اعترض به، لا سيما إذا لم يعارض دليل المستدل بدليل آخر. وما قلناه أولى. واللَّه أعلم بالصواب.
كمل كتاب الحدود
والحمد للَّه حق حمده، وصلواته على محمد نبيه وعبده وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا وذلك في العشر الوسط لجمادى الآخرة عام واحد وثلاثين وستمائة