والثالث: أن يكون ما قبلها كلامًا تامًّا، وما بعدها جملة تُفَسر جملة ما قبلها.
ولا نحو: كتبتُ إليه بأنِ افعل كذا؛ أي لا تكون أنْ مفسرة، لدخول الخافض عليها، فيكون من جملة صلة الفعل، فلا يكون تفسيرًا له، فإن أمّا مخففة من أن، واسمها محذوف وهو ضمير الشأن، أو مصدرية، وعلى التقديرين تكون الباء متعلقًا بكتبت، فيكون مدخوله مفعولًا غير صريح له.
وقول بعض العلماء في:{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ}.
فـ (قول): مبتدأ، ومفعول جملة (أنها مفسرة)، أي في أنِ اعبُدُوا الله مفسرة، وخبره إنْ حُمِل على أنها مفسرة لأمرتني دون قلت مُنِعَ: مبني للمفعول جزاء الشرط. منه الضمير راجع إلى مصدر فعل الشرط، أي من هذا الحمل لأنه لا يصح.
يقلل المنع: أن يكون أن اعبدوا الله ربي وربكم مقولا، خبر كان، لله تعالى، لأن الأمر مسند إليه، فلا يصح أن يقول: أنِ اعبدُوا الله ربي وربكم وهو ظاهر. أو على أنّها مفسرة لقلت أي: وإن حمل على أنها مفسرة لقلت فجملة.
فحروف القول جزاء الشرط، وإنَّما دخل عليه الفاء لكونه جملة اسمية، تأباه لما عرفت أنّ أنْ لا تكون مفسرة بعد القول، على أنه يجوز أن يحكى القول من غير أن يتوسط بينهما حرف التفسير، بأن يقول: ما قلتُ إلا اعبدوا الله ربي وربكم، وإنما قال: تأباه إشارة إلى أنه يجوز بالتأويل، وجوزه أي جوز كونها مفسِّرة الزمخشري إن أوّل قلت بأمرت. فكان المعنى: ما أمرت لهم إلَّا ما أمرتني به أن اعبدوا الله فتكون أن مفسرة لعدم وقوعها في الحقيقة بعد القول؟ وجوّز مصدريتها، أي جوز الزمخشري في هذه الآية كونها: