للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عصفور: وما ذهب إليه دعوى لا دليل عليها، بل قد يكون المنفي بـ (لا) آكد من المنفي بـ (لن)، لأنَّ المنفي بـ (لا) قد يكون جوابًا للقسم، والمنفي بـ (لن) لا يكون، ونفي الفعل إذا قُسم عليه آكد، وقال صاحب "الإقليد": والمراد بالتأكيد هو التصميم وإبرام العزيمة على ما خبر به من سلب وإيجاب عما هو يصدره وليس كما زعم بعضهم أنها للتأبيد، إذ التأبيد مناف للتحديد. وقد جاء التحديد معها في قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي}. وحتى لانتهاء الغاية.

وذهب قوم ومنهم ابن السَراج إلى أنه يجوز أن يكون الفعل بعدها دعاء. واختاره ابن عصفور، وجعلوا منه قوله تعالى {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} والصحيح أنَّه لم يستعمل من حروف النفي في الدعاء إلَّا (لا) خاصة.

وفي (لم) حرف جزم يدخل على المضارع، وقد تلغى فلا [يجزم بها]، قال في "شرح التسهيل"، حملًا على (لا) وفي "شرح الكافية" حملًا على (ما) قاله شارح الألفية، وهو أحسن.

لأنَّ (ما) يُنفى بها الماضي كثيرًا بخلاف (لا) وأنشد الأخفش على إهمالها:

لَوْلَا فَوَارسُ مِنْ ذُهْلٍ وأسرتهم ... يَوْمَ الصَّليفِ لم يوُفُونَ بِالْجَارِ [البسيط]

قال بعض النحويين: إنه ضرورة، وقال بعضهم: إنَّه شاذ، وفي "التسهيل": وقد لا يُجزَمُ بها، فلم يخصه بالضرورة، وذكر في "شرحه" أن الرَّفع بها لغةُ قوم، ولا يجوز الفصل بينها وبين الفعل، وحذفه بعدها إلَّا في الضرورة.