معرفة في أساليب الكلام. تقول لا أفعله عَوْض بالنّفي في المستقبل، وقد يستعمل بالإثبات في المضي، وهذا مفهوم عبارة الرّضي، فلذلك لم يقل ابن هشام: ما فعلته عوض، لحن في الكلام.
وقال صاحب "العيني": عوض كلمة تجري مجرى القسم، فمعناه: أقسم بالدّهر لا أفعل هذا الأمر، فحذف حرف القسم، ونصب المقسم به كما قولك: الله لأفعلن. وكذا أبدًا يكون ظرفًا لما يستقل من الزمان في نحو: لا أفعله أبدًا.
اعلم أن النُّحاة يردّون أبدًا على عوض، فلذلك قال المصنِّف: وكذلك أبدًا، ولم يجعله شيئًا مستقلًا، وهو معرب لدخول لام التّعريف عليه، فلو كان متضمنًا لها لامتنع دخولها عليه. تقول فيها، أي في حق أبدًا في هذا المثال: ظرف لاستغراق ما يسقبل من الزّمان.
ظاهر هذا الكلام يشعر أن لا يكون الفرق بين عوض وأبدًا، لكن قال الشيخ الرضي: والفرق بينهما [أنّ قط وعوض] للشيوع مطلقًا، وللنفي كثيرًا، وأمّا أبدًا فليس مخصوصًا بالشيوع ويستعمل في النفي والإثبات نحو: طال الأبد. انتهى.
[أجل]
والثالث بما جاء على وجه واحدٍ: أجلْ بسكون اللام، وهو حرف لصديق الخبر، سواء كان الخبر مثبتًا أو منفيًا، يقال في المثبت: جاءني زيد، وفي المنفي: ما جاءني زيد، فتقول: أجل، أي: صدقت. ذكر في بعض كتب النَّحو: أجل لتصديق الخبر ماضيًا أو غيره ولا يستعمل في الاستفهام إلّا عند الأخفش. إلّا أنها في الخبر أحسن من نعم، ونعم أحسن منها في الاستفهام.
ونقل بعض شرّاح تلك الرسالة عن "الارتشاف": أمّا أجل فهي جواب في تصديق الخبر، ولتحقّق الطلب، وذلك تقول لمن قال: قام زيد: أجل، ولمن قال: اضرب زيدًا: أجل فلا تكون جوابًا للنهي ولا للنّفي.