وحذف المعطوف مع حرف العطف قليل نحو: راكب طلحان أي: راكب البعير، والبعير طلحان، وأمَّا حذف حرف العطف مع ذكر المعطوف فَشَاذٌّ نادر.
ولهذا أي: لأجل وجوب حذف ألف (ما) الاستفهامية المركّبة بحرف الجرّ، ردَّ الكسائي على المفسِّرين قولَهم بالنَّصب مفعول ردَّ في:{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} أنها استفهامية: مقول القول. حاصله: لمَّا كان حذف ألف (ما) الاستفهامية واجبًا عند دخول حرف الجرّ عليها يُثبِتُ أنّ (ما) في (بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي) ليست استفهامية لوجود ألف في (ما).
قال العلامة في "الكشَّاف" فإن قلت (هي ما في) قوله: بمَا غَفَرَ لي ربي أي الماءات [هي] قلت المصدرية أو الموصولة، أي بالَّذي غفر لي [ربّي، أَي] من الذنوب. ويحتمل أن تكون استفهامية، يعني: أيَّ شيء غفر لي ربيّ؟ فَطَرحُ الألف أجود، وإن كان إثباتها جائزًا انتهى.
فإذا فهمت ما تلونا عليك من كلام الرضي، والعلامة الزمخشري عرفت أن ردَّ الكسائي مردود، لأنَّ الحذف أكثري لا دائميَّ.
وإنَّما جاز نحو لماذا فعلتَ؟ هذا جواب عن سؤال مقدّر تقديره. ولمّا وجب سقوط ألف ما الاستفهامية بدخول حرف الجرّ على الأجود فلم يحذف في مثل: لماذا فعلتُ؟ مع أنَّه مركّب بالَّلام، فأجاب بقوله:
لأنَّ ألِفَها صارت حشوًا أي: وسطًا بالتركيب مع ذا، فتكون الألف في وسط الكلمة، والحذف في الوسط قليل لتحصنه مِنَ الحوادث فأشبهت (ما) الاستفهام بالموصولة في إثبات الألف، لأنّ (ذا) لمّا لم تثبت زيادتها، ولا كونها موصولة إلَّا مع (ما) الاستفهامية، لم تحذف