ووصال: فاعل لفعل محذوف يفسّره الفعل المذكور، وهو يدوم، ولا يكون وصال: مبتدأ، ويَدُوم: خبره، وعلى أصول متعلّق بـ يدوم، لأنَّ الفعلَ المكفوفَ بـ (ما) الكافّة لا يدخل إلَّا على الجملة الفعلية، لأنَّه جرى مجرى حرف النَّفي.
وقولك: قلَّما يُضرب زيدٌ، بمعنى ما يُضرب زيدٌ، كذا قالوا. هذا الكلام ردّ على سيبويه حيث قال الشَّيخ الرَّضي: وهي عند سيبويه كافّة، وصالٌ: مبتدأ.
ولكن ذكر في "شرح الألفية": قال بعض النُّحاة إنَّ قلَّ إذا كُفّت بـ (ما) تدلّ على ندارة الشيء لا على نفيه، وقال أكثرهم: يراد النَّفي في الأشهر، فعلى هذا لِم لا يجوز دخولها على الجملة الاسمية؟ غاية الباب أن يخالفَ الأشهر، على أنّ قول سيبويه بمنزلة النَّصِّ في هذا الفنّ.
وقال بعضهم: إنَّ (ما) مصدريّة هي وصلتها، وهي فعل المحذوف وفاعل الفعل المكفوف أي: قَلَّ دوام الوصال. وقال بعضهم: ما زائدة، ووصال فاعل قلَّ، ذكره شارح "الكافية"، فمعنى البيت يختلف على هذا الاختلاف، فتكفّ في وجوهها.
ولم يُكفّ من الأفعال بـ (ما) الكافّة إلَّا قلَّ وطَالَ وكَثُر.
- وكافّة عن عمل النَّصب والرَّفع معًا. وجه التقديم على الثَّاني ظاهر، وأمّا وجه التأخير عن الأوَّل من الأوَّل كافّة عن طلب الفاعل، وذلك في إنَّ وأخواتها، وهو سائر حرف المشبهة بالفعل، فيكون ما بعدها مبتدأ وخبرًا.
اعلم أن الحروف المشبهة بالفعل تنصب الاسم وترفع الخبر خلافًا للكوفيين في قولهم إن الخبر باق على رفعه، "وبعض العرب ينصبُ بهذه الأحرف الجزأين معًا. وحكى قوم منهم ابن السّيد أنَّ ذلك لغة" ذكره شارح "الألفية"، فعلى هذا قول المصنف.
- وكافّة عن عمل النصب والرفع يكون على الأشهر، وأنَّ هذه الحروف تلحقها (ما) الكافّة وتمنع عن العمل في الأصحّ، وقد يجوز إعمالها، فذهب الزمخشريُّ إلى جواز إعمالها كلَّها،