ومميّزها بجملة أو ظرف. وإنْ فُصِل فالمختار النَّصب حملًا على الاستفهامية.
والاستفهامية تنصب مميّزها مفردًا كمميّز أحد عشر لأنَّ [المُسْتَفْهِم لا يتحقق عنده في الأغلب كثرة العدد] المُسْتَفْهَم عنه ولا قلته، بل المستفهَم عنه يحتمل الأمرين، فحملت على المرتبة المتوسطة، ولأنَّها كعدد مقرون بهمزة الاستفهام فأشبهت العدد المركب. فأجريت مجراه في كون مميّزها منصوبًا مفردًا، ولا يجوز جرّ مميزها إلَّا إذا انجرّت هي، فإنَّه يجوز جرّ مميّزها لفقد تطابُقِ (كم) ومميّزها في الإعراب، وذلك الانجرار بتقدير (مِنْ) مع بقاء عملها عند الخليل وسيبويه، وبإضافة (كم) عن الزَّجَّاج.
هذا ولك أن تقول: لم لا يجوز تضمين ما يُضاف بالاتّفاق وهو أي؟
ويرشدك إليه ما قاله الإمام، والتقدير: فَبِأيِّ رَحْمَةٍ.
نعم. للاستفهام مميّز مشترك. لكن الكلام ليس فيه، بل فيما صارت (أي) في الاستفهام مميَّزة به عن غيرها.
ولا يكون خبر رحمة بالإبدال من (ما)، لأنَّ المبدَل من اسم الاستفهام لابد أي لا جرم أن يقترن بهمزة الاستفهام نحو: كيف أنت أصحيح أم سقيم؟ هذا مذكور في أكثر كتب النَّحو.
قال شارح "الألفيَّة": هذا مذهب البصريين، وذهب كثير من الكوفيين إلى أنَّ المبدل يجوز (ممَّا) الاستفهامية، والصحيح مذهب البصريين. انتهى.
ودليلهم أنّ المبدل منه في حكم السقوط، فلابد من بقاء ما يدلّ على الاستفهام لكونه مرادًا يمكن أن يجاب عنهم في طرف الكوفيين، بأن يقول ليس المراد في قولهم:"إنَّه في حكم التنحية الأوَّل إيذانٌ منهم باستقلاله بنفسه، ومفارقته للتأكيد والصفة في كونهما متممتين لما يتبعانه لا إهداره بالكليَّة على ما نصَّ عليه الزمخشري في "مفصله" حتَّى يلزم إبقاء ما يدلّ على الاستفهام".